أصواتكم ولكن القاضي يخرج من المسجد إذا أراد إقامة الحد بين يديه كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الغامدية أو يبعث أمينا ليقام بحضرته كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في ماعز .
( قال ) ( وإذا زنى الرجل مرات أو قذف مرات أو سرق مرات أو شرب مرات لا يقام عليه إلا حد واحد ) لأن مبني الحدود على التداخل لما أن المقصود بها الزجر وذلك يحصل بحد واحد ولأن المقصود إظهار كذب القاذف لدفع العار عن المقذوف وذلك يحصل بإقامة حد واحد ولأن المغلب في حد القذف حق الله تعالى عندنا على ما نبينه في بابه .
( قال ) ( وليس على واطىء البهيمة حد عندنا ) ولكنه يعزر ومن الناس من أوجب عليه الحد لحديث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال من أتى بهيمة فاقتلوه ) ولكن الحديث شاذ لا يثبت الحد بمثله ولو ثبت فتأويله في حق من استحل ذلك الفعل ثم ليس لفرج البهيمة حكم الفرج حتى لا يجب ستره والإيلاج فيه بمنزلة الإيلاج في كوز أو كوة ولهذا قلنا أنه لا تنتقض طهارته بنفس الإيلاج من غير إنزال ولأن الحد مشروع للزجر ولا يميل طبع العقلاء إلى إتيان البهيمة فإنها ليست بمشتهاة في حق بني آدم وقضاء الشهوة يكون من غلبة الشبق أو فرط السفه كما يحصل قضاء الشهوة بالكف والألية ولكنه يعذر لارتكابه ما لا يحل .
( قال ) ( في الأصل بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه أتى برجل أتى بهيمة فلم يحده وأمر بالبهيمة فذبحت وأحرقت بالنار ) وهذا ليس بواجب عندنا وتأويله أنه فعل ذلك كيلا يعير الرجل به إذا كانت البهيمة باقية .
( قال ) ( ولو قذف قاذف رجلا بإتيان البهيمة فلا حد عليه ) لأن القاذف إنما يستوجب الحد إذا نسبه إلى فعل يلزمه الحد بمباشرته وذلك غير موجود هنا ألا ترى أنه لو قذفه بوطء الميتة أو تقبيل الحرام لا يجب الحد فكذلك إذا قذفه بإتيان البهيمة .
( قال ) ( وإن قذفه بعمل قوم لوط لم يحد إلا أن يفصح معناه إذا قال يا لوطي لا حد عليه بالاتفاق ) لأنه نسبه إلى نبي من أنبياء الله تعالى فلا يكون هذا اللفظ صريحا في القذف فأما إذا أفصح بنسبته إلى ذلك الفعل فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يعزر ولا يحد لأنه نسبه إلى فعل لا يلزمه الحد بذلك الفعل عنده وعندهما يلزمه حد القذف لأنه نسبه إلى فعل يستوجب بمباشرته الحد عندهما .
( قال ) ( ومن وطىء امرأة في نكاح فاسد ثم قذفه رجل لا حد عليه ) لأنه ارتكب وطءا حراما غير مملوك فيسقط به إحصانه .
( قال ) ( ولا ينبغي للقاضي أن يلقن الشهود ما تتم به شهادتهم في الحدود