كإقرار واحد وروى أن أبا بكر رضي الله عنه قال له أقررت ثلاث مرات أن أقررت الرابعة رجمك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي رواية قال إياك والرابعة فإنها موجبة وعن بريدة الأسلمي قال كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث أن ماعزا لو جلس في بيته بعد ما أقر ثلاثا ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه من يرجمه فدل على أن اشتراط عدد الأقارير كان معروفا فيما بينهم وأن المراد من قوله فإن اعترفت فارجمها الاعتراف المعروف في الزنى وهو أربع مرات .
والصحيح من حديث الغامدية أنها أقرت أربع مرات هكذا ذكر الطحاوي رحمه الله تعالى إلا أن الأقارير منها كانت في أوقات مختلفة قبل الوضع وبعد الوضع وبعد ما طهرت من نفاسها وبعد ما فطمت ولدها ولهذا لم تتفق الرواية على نقل الأقارير الأربعة في حديثها .
والذي روى أنها قالت أتريد أن ترددني كما رددت ماعزا لا يكاد يصح لأن ترديد ماعز كان حكما شرعيا فلا يظن بها أنها جاءت لطلب التطهير ثم تعترض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما هو حكم شرعي واعتبار هذا الحق بسائر الحقوق باطل فقد ظهر فيها من التغليظ ما لم يظهر في سائر الأشياء من ذلك أن النسبة إلى هذا الفعل موجب للحد بخلاف سائر الأفعال وموجب للعان إذا حصل من الزوج في زوجته بخلاف سائر الأفعال ويشترط في إحدى الحجتين من العدد ما لا يشترط في سائرها وكل ذلك للتغليظ فكذلك اعتبار عدد الإقرار إلا أن العدد في الشهادة يثبت حقيقة وحكما بدون اختلاف المجالس .
ولا يثبت في الإقرار حكما إلا باختلاف المجالس لأن الكلام إذا تكرر من واحد في مجلس واحد بطريق الإخبار يجعل ككلام واحد وإنما يتحقق معنى التغليظ باشتراط العدد في الإقرار الموجب للحد لا في الإقرار المسقط للحد عن القاذف ألا ترى أن التصريح بلفظ الزنى يعتبر في الإقرار الموجب للحد دون المسقط وكذلك عدد الأربعة بالشهود حتى إذا قذف امرأة بالزنى فشهد عليها شاهدان أنها أكرهت على الزنى سقط الحد عن القاذف .
إذا عرفنا هذا فنقول ينبغي للإمام أن يرد المعترف بالزنى في المرة الأولى والثانية والثالثة لحديث عمر رضي الله عنه قال اطردوا المعترفين بالزنى فإذا عاد الرابعة فأقر عنده سأله عن الزنى ما هو وكيف هو وبمن زنى وأين زنى لما بينا في الشهادة إلا أن في الإقرار لا يسأله متى زنا لأن حد الزنى يقام بالإقرار بعد التقادم وإنما لا يقام بالبينة فلهذا يسأل الشهود متى زنى ولا يسأل المقر عن ذلك فإذا وصفه وأثبته قال له فلعلك تزوجتها أو وطئتها