يمكن أن يجعل ملتزما لجميع البدل البعض بطريق الأصالة والبعض بطريق الكفالة مراعاة لشرط المولى والمالك واحد فلا يكون ذلك منهما كفالة على الحقيقة فأما هنا نصف كل واحد منهما لمالك على حدة فلو جعلنا كل واحد منهما مطالبا بجميع البدل كان بحكم الكفالة في البعض وفي نصف ذلك كفالة من كل واحد منهما عن مملوك هو لغير مولاه فيكون كفالة حقيقة ولا تصح الكفالة من المكاتب ولا ببدل الكتابة فلهذا كان كل واحد منهما مطالبا بحصته خاصة يعتق بأداء ذلك إليهما كما لو كاتبه كل واحد منهما بعقد على حدة .
عبد بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه فللشريك أن يرد المكاتبة ( وقال بن أبي ليلى رحمه الله تعالى ليس له ذلك بمنزلة ما لو أعتق أحدهما نصيبه أو بمنزلة ما لو باع أحدهما نصيبه لأن تصرف المكاتب لاقى خالص ملكه ) ولكنا نقول هذا عقد محتمل للفسخ وفي إبقائه ضرر على الشريك الآخر أما في الحال فلأنه يتعذر عليه بيع نصيبه وأما بعد الأداء فلأنه يتعذر عليه استدامة الملك في نصيبه فلدفع الضرر عن نفسه يتمكن من فسخ عقد شريكه وإذا جاز فسخ الكتابة لدفع الضرر عن المتعاقدين فلأن يجوز فسخه لدفع الضرر عن غيرهما ممن لم يرض بعقدهما أولى ولا يبعد أن يلاقي تصرف الإنسان ملكه ثم للغير أن يفسخه لدفع الضرر عن نفسه كالراهن يبيع المرهون أو الآجر يبيع المؤاجر .
فإن أعتقه الشريك الآخر بعد ذلك نفذ عتقه عندنا .
وقال بن أبي ليلى لا ينفذ عتقه حتى ينظر ماذا يصنع في المكاتبة فإن أداها عتق وضمن الذي كاتبه نصيب شريكه والولاء كله له وإن عجز ينفذ عتقه وهذا بناء على أصله أن الكتابة لا تتجزى وأن المولى بعقد الكتابة يستحق الولاء فإذا صار المكاتب مستحقا لجميع ولائه لا يملك الآخر إبطاله عليه بالإعتاق ولكن يتوقف حكم إعتاقه لتوقف ملكه في نصيبه فإن أدى الكتابة تبين أن نصيب الشريك كان منتقلا إلى المكاتب فيضمن المكاتب له نصف قيمته والولاء كله له وإن عجز تبين أنه كان مشتركا بينهما فينفذ عتق المعتق في نصيبه .
فأما عندنا نصيب الشريك باق على ملكه عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى غير مكاتب وعندهما مكاتب كان متمكنا من فسخ الكتابة فيعتق نصيبه بإعتاقه .
وإذا أعتق فالمكاتب بالخيار في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن شاء مضى على الكتابة وأدى البدل وكان ولاؤه لهما .
وإذا اختار ذلك فليس للمكاتب أن يضمن المعتق شيئا لأنه ما أتلف عليه شيئا من حقه وإن شاء عجز نفسه فعند ذلك يخير الذي كاتبه بين عتقه