في الثالثة فيكون ذلك بيانا أن الشهر تسعة وعشرون يوما ثم الأصل في هذه الإشارة أنها تقع بالأصابع المنشورة لا بالأصابع المعقودة والعرف دليل على هذا وكذلك الشرع فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما خنس إبهامه في الثالثة كان الاعتبار بما نشر من الأصابع دون ما عقد .
حتى لو قال عنيت الإشارة بالإصبعين اللتين عقدت لم يدين في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله تعالى لكون ما قال محتملا .
وكذلك إذا قال عنيت الإشارة بالكف دون الأصابع دين فيما بينه وبين الله تعالى لكونه محتملا ولا يدين في القضاء لأنه خلاف الظاهر فتطلق ثلاثا .
وبعض المتأخرين يقولون إن جعل ظهر الكف إليها والأصابع المنشورة إلى نفسه دين في القضاء وإن جعل الأصابع المنشورة إليها لم يدين في القضاء وإذا أشار بأصابعه فقال أنت طالق ولم يقل هكذا فهي واحدة لأن كلامه لا يتصل باشارته إلا بقوله هكذا فإذا لم يقل كان وجود الإشارة كعدمها فتطلق واحدة بقوله أنت طالق .
وإن قال أنت طالق وهو يريد أن يقول ثلاثا فأمسك رجل على فيه فلم يقل شيئا بعد ذكر الطلاق فهي طالق واحدة لأن الوقوع بلفظه لا بقصده وهو ما تلفظ إلا بقوله أنت طالق وكذلك لو مات الرجل بعد قوله أنت طالق قبل قوله ثلاثا فهي طالق واحدة بخلاف ما إذا ماتت المرأة بعد قوله أنت طالق قبل قوله ثلاثا فإنها لا تطلق شيئا لأن الزوج وصل لفظ الطلاق بذكر العدد فيكون العامل هو العدد .
ألا ترى أنه لو قال لها قبل الدخول أنت طالق ثلاثا تطلق ثلاثا لأن ذكر العدد حصل بعد موتها .
فأما إذا مات الرجل فلفظ الطلاق هنا لم يتصل بذكر العدد فبقى قوله أنت طالق .
ولو قال أنت طالق أنت طالق فماتت المرأة قبل ذكر الثانية طلقت واحدة لما قلنا أن كلامه هنا إيقاع عامل في الوقوع فإنما يقع ما صادفها وهي حية دون ما صادفها بعد الموت .
وإن قال لها أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق إن دخلت الدار فماتت قبل فراغه من الكلام لم يقع عليها شيء لأن الكلام المعطوف بعضه على بعض إذا اتصل الشرط بآخره يخرج من أن يكون إيقاعا كما إذا اتصل الاستثناء به وقد تحقق اتصال الشرط بالكلام بعد موتها .
وإن قال إحدى امرأتي طالق ثلاثا ولا نية له فذلك إليه يوقعها على أيتهما شاء فإن إيجاب الطلاق في المجهول صحيح بخلاف ما يقوله نفاة القياس .
وحجتنا عليهم الحديث كل طلاق جائز ثم الأصل أن الإيجاب في المجهول يصح فيما يحتمل التعليق بالشرط لأنه كالمعلق بخطر البيان في حق العين ولأن ما هو مبنى على الضيق وهو البيع