الآية والمراد بالمسيس الجماع هكذا قال بن عباس رضي الله عنه أن الله تعالى يكنى القبيح بالحسن كما كنى بالمس عن الجماع ولأن هذه خلوة خلت عن الإصابة فلا توجب المهر والعدة كالخلوة الفاسدة وهذا لأن تقرر البدل في عقود المعاوضات بقبض المعقود عليه والمعقود عليه معنى في باطنها لا يصير مستوفي إلا بالآلة التي تصل إلى ذلك الموضع فلا تكون الخلوة فيها قبضا كالقصاص فإن حق من له القصاص في الباطن لا يصير مستوفي إلا بالآلة الجارحة فلم تكن الخلوة فيه قبضا والدليل عليه حكم الرجعة وبقاء المطالبة بالوطء فإن الخلوة في هذين الحكمين لا تجعل كاستيفاء المعقود عليه فكذلك في حكم المهر والعدة وحجتنا في ذلك قوله تعالى ! < وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض > ! نهي عن استرداد شيء من الصداق بعد الخلوة فإن الإفضاء عبارة عن الخلوة ومنه يسمى المكان الخالي فضاء ومنه قول القائل أفضيت إليه بشغري أي خلوت به وذكرت له سرى وتبين بهذا أن المراد بما تلى المسيس أو ما يقوم مقامه وهي الخلوة وعن عبد الرحمن بن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كشف قناع امرأته وقبلها فلها المهر كاملا دخل بها ولم يدخل ولما فرق عمر وعلي رضي الله عنهما بين العنين وامرأته ألزماه كمال المهر وقالا ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم وعن زرارة بن أبي أو في أنه قال مضت السنة من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم إن من أغلق على امرأته بابا أو أرخى حجابا كان عليه المهر كاملا دخل بها أو لم يدخل بها ولأنهاأتت بتسليم المستحق عليها بالعقد فيتقرر حقها في البدل كما إذا وطئها الزوج وهذا لأن البدل في عقود المعاوضات يتقرر بتسليم من له البدل لا باستيفاء من عليه كما في البيع والإجارة إذا خلى البائع بين المبيع والمشتري أو خلى الآجر بين الدار والمستأجر في المدة يتقرر البدل وإن لم يستوف وهذا لأنا لو علقنا تقرر البدل بالاستيفاء امتنع من ذلك قصدا منه إلى الإضرار بمن له البدل وإذا ثبت أن المعتبر التسليم فالمستحق بالعقد عليها ما في وسعها وفي وسعها تسليم النفس في حال زوال المانع لا حقيقة استيفاء الوطء فإذا أتت بما هو المستحق تقرر حقها في البدل على أن تقام نفسها مقام حقيقة المعقود عليه كما أنها في جواز العقد أقيمت نفسها مقام المعقود عليه فكذلك في حكم التسليم لأن تقرر البدل بتسليم ما باعتباره يجوز العقد وهذا