الاستئجار على التعليم والأذان والأمامة وعللوه بالضرورة وخوف ضياع الدين في زماننا لانقطاع ما كان يعطى من بيت المال .
وبه علم أنه لا يجوز الاستئجار على الحج عن الميت لعدم الضرورة كما يأتي بيانه في هذا الباب ولا على التلاوة والذكر لعدم الضرورة أيضا وتمام الكلام على ذلك في رسالتنا شفاء العليل وبل الغليل في بطلان الوصية بالختمات والتهاليل فافهم .
قوله ( له جعل ثوابها لغيره ) أي خلافا للمعتزلة في كل العبادات ولمالك والشافعي في العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة فلا يقولان بوصولها بخلاف غيرها كالصدقة والحج وليس الخلاف في أن له ذلك أو لا كما هو ظاهر اللفظ بل في أنه ينجعل بالجعل أو لا بل يلغو جعله .
أفاده في الفتح أي الخلاف وفي وصول الثواب وعدمه .
قوله ( لغيره ) أي من الأحياء والأموات .
بحر عن البدائع .
قلت وشمل إطلاق الغير النبي ولم أر من صرح بذلك من أئمتنا وفيه نزاع طويل لغيرهم .
والذي رجحه الإمام السبكي وعامة المتأخرين منهم الجواز كما بسطناه آخر الجنائز فراجعه .
قوله ( وإن نواها الخ ) قدمنا الكلام عليه قريبا .
قوله ( لظاهر الأدلة ) علة لقوله له جعل ثوابها لغيره وهو من إضافة الصفة للموصوف أي للأدلة الظاهرة أي الواضحة الجلية فالظهور بالمعنى اللغوي لا الأصولي لأن الأدلة فيه متواترة قطعية الدلالة على المراد لا تحتمل التأويل كما تعرفه .
قوله ( أي إلا إذا وهبه ) جواب قوله وأما وأسقط الفاء من جوابها وهو لا يسقط إلا في ضرورة الشعر كقوله فأما القتال لا قتال لديكم كما في المغني وأجاب عن قوله تعالى ! < فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم > ! سورة آل عمران الآية 106 بأن الأصل فيقال لهم أكفرتم فحذف القول استغناء عنه بالمقول فتبعته الفاء في الحذف .
قال ورب شيء يصح تبعا ولا يصح استقلالا كالحاج عن غيره يصلي عنه ركعتي الطواف ولو صلى أحد عن غيره ابتداء لا يصح على الصحيح اه .
وكذلك الجواب هنا محذوف مع الفاء استغناء عنه بأي المفسرة له .
والتقدير وأما قوله تعالى فمؤول أي إلا إذا وهبه على أن الدماميني اختار جواز حذف الفاء في سعة الكلام واستشهد له بالأحاديث والآثار .
قوله ( كما حققه الكمال ) حيث قال ما حاصله إن الآية وإن كانت ظاهرة فيما قاله المعتزلة لكن يحتمل أنها منسوخة أو مقيدة وقد ثبت ما يوجب المصير إلى ذلك وهو ما صح عنه أنه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عنه والآخر عن أمته فقد روي هذا عن عدة من الصحابة وانتشر مخرجوه فلا يبعد أن يكون مشهورا يجوز تقييد الكتاب به بما لم يجعله صاحبه لغيره .
وروى الدارقطني أن رجلا سأله عليه الصلاة والسلام فقال كان لي أبوان أبرهما حال حياتهما فكيف لي ببرهما بعد موتهما فقال إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صومك وروى أيضا عن علي عنه صلى الله عليه وسلم قال من مر على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات وعن أنس قال يا رسول الله إنا نتصدق عن موتانا ونحج عنهم وندعو لهم فهل يصل ذلك لهم قال نعم إنه ليصل إليهم وإنهم ليفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي له رواه أبو حفص العكبري .
وعنه أنه قال اقرؤوا على موتاكم يس رواه أبو داود فهذا كله ونحوه مما تركناه خوف الإطالة يبلغ القدر المشترك بينه وهو النفع بعمل الغير مبلغ التواتر وكذا ما في الكتاب العزيز من الأمر بالدعاء للوالدين ومن الأخبار باستغفار الملائكة للمؤمنين