بالصنعة نظر وفي معنى كلام ابن الجوزي في كتابه المذكور لا يكفي وقاله في غلة الوقف أيضا وللشافعية أوجه الاستحباب وعدمه والثالث وهو أصح إن صبر على الضيق استحب له وإلا فلا وقد ذكر ابن عقيل في مواضع أقسم بالله لو عبس الزمان في وجهك مرة لعبس في وجهك أهلك وجيرانك .
ثم حث على إمساك المال وذكر ابن الجوزي في كتابه السر المصون أن الأولى أن يدخر لحاجة تعرض وأنه قد يتفق له مرفق فيخرج ما في يده فينقطع مرفقه فيلاقي من الضراء ومن الذل ما يكون الموت دونه فلا يبنغي لعاقل أن يعمل بمقتضى الحال الحاضرة بل يصور كل ما يجوز وقوعه وأكثر الناس لا ينظرون في العواقب وقد تزهد خلق كثير فأخرجوا ما بأيديهم ثم احتاجوا فدخلوا في مكروهات .
والحازم من يحفظ ما في يده والإمساك في حق الكريم جهاد كما أن إخراجه ما في يد البخيل جهاد والحاجة تحوج إلى كل محنة قال بشر الحافي لو أن لي دجاجة أعولها خفت أن أكون عشارا على الجسر وقال الثوري من كان بيده مال فليجعله في قرن ثور فإنه زمان من احتاج فيه كان أول ما يبذل دينه قال ابن الجوزي وبعد فإذا صدقت نية العبد وقصده رزقه الله وحفظه من الذل ودخل في قوله ! < ومن يتق الله > ! سورة الطلاق 3 قال أصحابنا وإن أضر ذلك بنفسه أو بمن تلزمه نفقته أو بغريمه أو بكفالته أثم ( و ه م ) وللشافعية أوجه ثالثها يأثم فيمن يمونه لا في نفسه .
وظاهر كلام جماعة من أصحابنا إن لم يضر فالأصل الاستحباب وجزم في الرعاية بما ذكره بعضهم أنه يكره التصدق فيل الوفاء والإنفاق الواجب وقد قال تعالى ! < ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة > ! سورة الحشر 9 ومن أراد الصدقة بماله كله فإن كان وحده وعلم من نفسه حسن التوكل والصبر على المسألة جاز ودليلهم يقتضي الاستحباب وجزم به في منتهى الغاية وغيرها وفاقا للشافعية وذكر القاضي عياض المالكي أنه جوزه جمهور العلماء وأئمة الأمصار .
وعن عمر رد جميع صدقته ومذهب أهل الشام ينفذ في الثلث وعن مكحول في النصف وقال الطبري المستحب الثلث قال أصحابنا وإن لم يعلم لم يجز ذكره أبو الخطاب وغيره ويمنع من ذلك ويحجز عليه وذكر الشيخ وغيره يكره