وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

(31) مذكوراً في الخلق " (1). وفي رواية أخرى عنه عليه السلام رواها زرارة بن أعين في تفسير جزء الآية، يقول الباقر عليه السلام: " كان شيئاً ولم يكن مذكوراً " (2). فالانسان كان شيئاً في علم الله وتقديره، وإن كان معدوماً بعد لم يوجد، ثم صار شيئاً مذكوراً بعد خلقه وتكوينه، سواءً أنظرنا في ذلك إلى الطريق الاعجازي في الخلق، أو الطريق الفطري في التكوين المتسلسل المنظور إليه في قوله تعالى: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسفَلَ ساَفِلِينَ * ) التين / 4 ـ 5. وهذا أيضاً طريق إعجازي محض أن يخلق من هذه المادة الميتة إنساناً متكاملاً في أحسن تقويم فكان ذا هيئة حسنة، وصورة مترفة، وروعة نادرة، حتى عاد مستوياً أيام شبابه ونضارته مثلاً، ثم ردّ إلى الهرم والشيخوخة، وورد مورد العجز والكبر، فتسافل في خلقه من قوة إلى ضعف، ومن نضارة إلى إنهدام، ومن جمال الفتوة إلى تلاشي القوة، فبعد أن كان ذا هيئة مشرقة وضاءة إستبدلها بالكبر والانحناء والخور. ولكن الشذرات الثمينة المتناثرة في القرآن الكريم، تقتضي الاضافة لهذا الفهم ـ وإن كان حقاً في واقعه ـ وتريد منا أن نرتفع إلى المستوى الأعظم الذي يحدب على تبليغه القرآن بياناً إلهياً شمولياً لا يغادر شيئاً، وذلك: أن الانسان قد خلق بإرادة الله تعالى ولطف عنايته خلقاً خاصاً فكان نموذجاً راقياً للتقويم والثبات والكمال، وهذا كله يقتضي له ان يتصاعد بروحه وتفكيره وتقدير إلى أعلى عليين، وهو ما قدره له الله تعالى لو تمثل الشكر لنعمه المتواترة، اعتداداً بهذا العطاء الفياض في الخلق صورة وعلماً وإرادة وتفكيراً واختياراً وإبداعاً وفلسفة، فهو بهذا حريّ بأن يعرج بمستواه الخلقي في كل وجوه الخلق الظاهرة والباطنة، المعروفة لديه والمجهولة إلى حيث يصبح من أهل السعادة والنّعيم السرمدي الخالد. ولكن هذا الانسان ـ إلا القليل من جنسه ـ قد إنحط بنزعانه اللاإنسانية وسلوكه المنحرف إلى سلخ معنى الانسانية عن نفسه فردّ إلى أسفل سافلين، وهو نهاية ما يمكن أن يردّ به الله إنساناً بإنحطاطه إلى الدرجات السفلى المخصصة لأهل العذاب والشقاء والانهيار التام، فكتب على نفسه ____________ (1) (2) الطبرسي: مجمع البيان: 5 / 406.