[569] والمرحلة الثّانية: مرحلة "الصمم" وعدم السمع، ولا سيما عند أُولئك الذين يديرون ظهورهم وهم في حالة الفرار، فقد يؤثر فيهم الصراخ الشديد لو كانوا قريبين، لكن في مثل هذه الحال وهم يفرون، فلا! وبالطبع فإنّ هذه الطائفة ليست كالموتى، فمن الممكن أحياناً أن يتمّ تفهيمهم بالإشارة أو العلامة، إلاّ أنّنا نعرف أن كثيراً من الحقائق لا يمكن بيانها وإيصالها إلى الذهن بالإشارة! وخاصة حين يدير الطرف الآخر ظهره ويكون بعيداً. المرحلة الثّالثة: (العمى) ، وبالطبع فإن الحياة مع العمي أسهل بمراتب من الحياة مع "الصُم" أو الحياة مع "الموتى"، فعلى الأقل لديهم آذان سميعة، ويمكن إيصال كثير من المفاهيم إليهم... لكن اين السمع في إدراك الحقائق من البصر؟! ثمّ بعد هذا كلّه، فإنّ تبيين المسائل غير كاف وحده، فلنفرض أن يقال للأعمى سر باتجاه اليمين أو اليسار، فإنّ تطبيق هذا الأمر ليس سهلا، وربّما بأقل خطأ ـ أحياناً ـ في تحديد المقدار، يؤدي بالأعمى إلى السقوط! وفي بحثنا المفصل في ذيل الآيتين (80) و (81) من سورة النمل، بيّنا ـ ضمن التحليل لحقيقة الحياة والموت ـ الإشكال الواهي الذي أثاره جماعة من الوهابيين، إذ يستعينون بمثل هذه الآيات ـ محل البحث وغيرها ـ لإثبات عدم جواز التوسل بالنّبي والأئمّة الطاهرين، ويقولون: إنّ الموتى (حتى النّبي) لايفهمون شيئاً. غير أنّنا أثبتنا هناك أن الإنسان ـ خاصّة من هو بمستوى الأئمة الكرام والشهداء العظام ـ له نوع من الحياة البرزخية بعد الموت، وهناك وثائق كثيرة وأدلة متعددة من القرآن والأحاديث تشهد بذلك وتؤيده، وفي هذه الحياة البرزخية إدراك وبصر أوسع من الحياة الدنيوية (لمزيد الإيضاح يراجع التّفسير الأمثل، ذيل الآيات المشار إليها آنفاً).