[561] لبنها!. وجملة (فترى الودق يخرج من خلاله ) لعلها إشارة إلى أن غلظة الغيوم وشدة هبوب الرياح، ليستا في تلك الدرجة التي تمنع خروج قطرات الغيث الصغيرة من الغيم ونزولها على الأرض، بل إن هذه الذرات الصغيرة ـ على الرغم من الغيوم المغطاة بها صفحة السماء ـ تجد طريقها من خلال الغيوم إلى الأرض، وتتناثر ناعمةً على الأراضي العطشى حتى ترويها بصورة جيدة وفي الوقت ذاته لا تدمر الثمر. إن الرياح الشديدة والاعاصير التي تقلع الشجرة من أصلها أحياناً ـ على عظمتها وتحرك الصخور، تأذن للقطرة الناعمة أن تمرّ من خلالها وتستقر على الأرض! وينبغي الإلتفات الى أن كون السحاب قطعات متراكمة "كِسَفاً" ـ وإن لم يكن لنا جلياً بهذه الصورة ـ في اليوم الغائم، حيث تغطي هذه القطع صفحة السماء، فلا نحس بأنّها على شكل قطع، بل نراه سحاباً مبسوطاً.. لكن حين تقلّنا الطائرة وتحلق بنا فوق السحاب أو من خلاله، نلمس هذه الظاهرة بوضوح! ويضيف القرآن في نهاية الآية قائلا: (وإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ). ثمّ تأتي الآية الأُخرى بعدها فتقول: (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين )(1). وإنّما يدرك هذا اليأس أو تلك البشارة أمثال العرب الذين يعيشون في رحلاتهم وتنقّلهم في الصحراء، ولحياتهم علاقة وصلة قريبة مع هذه القطرات، فأُولئك يتفق أحياناً أن يلقى اليأس ظلاله السوداء على أنفسهم الظمأى، كما أن أراضيهم ومزارعهم تبدو عليها آثار العطش، وفجأة تهب الرياح المبشرة بنزول ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ "مبلس" مأخوذة من مادة الإبلاس، ومعناها اليأس وعدم الرجاء.