[559] الإنفرادية لجعلها كالفضاء الرحب "المفتوح"، وعادةً فإنّ واحداً من أساليب التعذيب في السجون هو سدّ منافذ الهواء!. حتى أنّ الهواء لو توقف في المحيطات وهدأت الأمواج، لأصبحت حياة الحيوانات البحرية مهددة بالخطر على أثر قلّة الأوكسجين، ويتحول البحر حينذاك إلى مستنقع متعفن موحش! يقول "الفخر الرازي" إن جملة (وليذيقكم من رحمته ) مع ملاحظة أن الإذاقة تستعمل في الشيء القليل، فهي إشارة أن جميع الدنيا ونعمها لاتتجاور الرحمة القليلة، أمّا الرحمة الواسعة (من قبل الله) فهي خاصة بالحياة الأُخرى!. وفي الآية التالية يقع الكلام عن إرسال الأنبياء إلى قومهم، في حين أن الآية التي بعدها تتحدث عن هبوب الرياح مرّة أُخرى، ولعل وجود هذه الآية بين آيتين تتحدثان عن نعمة هبوب الرياح له جانب اعتراضي، كما يذهب إلى ذلك بعض المفسّرين. ولعل ذكر النبوّة إلى جانب هذه المسائل، إنّما هو لإكمال البحث المتعلق بالمبدأ والمعاد،إذْ ورد البحث عنهما مراراً في هذه السورة كما قاله بعض المفسّرين. ويمكن أن يكون وجود هذه الآية إنذاراً لأُولئك الذين يتمتعون بجميع هذه النعم الكثيرة ويكفرون بها. وعلى كل حال، فإنّ الآية تقول: (ولقد أرسنا رسلنا إلى قومهم فجاءوهم بالبيّنات ) أي المعجزات والدلائل الواضحة والبراهين العقلية، فاستجاب جماعة منهم لهذه الدلائل، ولم يستجب آخرون لها برغم النصائح (فانتقمنا من الذين أجرموا ) ونصرنا المؤمنين (وكان حقّاً علينا نصر المؤمنين ). والتعبير بـ "كان" التي تدل على أن هذه السنة لها جدر عميق، والتعبير بـ "حقّاً" وبعده التعبير بـ "علينا" هو بنفسه مبين للحق ومشعر به، جميع هذه