[65] التّفسير في هذه الآية يأمر الله نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسأل أهل الكتاب عن سبب اعتراضهم وانتقادهم للمسلمين، وهل أنّ الإِيمان بالله الواحد الأحد والإِعتقاد بما أنزل على نبي الإِسلام والأنبياء الذين سبقوه يجابه بالإِعتراض والإِنتقاد، حيث تقول الآية: (قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منّا إِلاّ أن آمنا بالله وما أنزل إِلينا وما أنزل من قبل ...)(1). وتشير هذه الآية ـ أيضاً ـ إِلى جانب آخر من جوانب صلف ووقاحة اليهود وتطرفهم غير المبرر، ونظرتهم الضيقة الأحادية الجانب التي دفعت بهم إِلى الإِستهانة بكل شخص ودين غير أنفسهم ودينهم، وهم لتطرفهم ذلك كانوا يرون الحقّ باطلا والباطل حقّاً. وتأتي في آخر الآية عبارة تبيّن علّة الجملة السابقة، حيث تبيّن أن اعتراض اليهود وانتقادهم للمسلمين الذين آمنوا بالله وبكتبه، ما هو إِلاّ لأنّ أكثر اليهود من الفاسقين الذين انغمسوا في الذنوب، ولذلك فهم ـ لإِنحرافهم وتلوثهم بالآثام ـ يعيبون على كل انسان ظاهر اتباعه للصواب وسيره في طريق الحقّ حيث تؤكّد الآية: (وإنّ أكثركم فاسقون). وبديهي أنّ المقاييس في محيط موبوء بالفساد والفسق، تنقلب ـ أحياناً ـ بحيث يصبح الحقّ باطلا والباطل حقاً، ويصبح العمل الصالح والإِعتقاد النزيه شيئاً قبيحاً مثيراً للإعتراض والإِنتقاد، بينما يعتبر كل عمل قبيح شيئاً جميلا جديراً بالإِستحسان والمديح، وهذه هي طبيعة المسخ الفكري الناتج عن الإِنغماس في الخطايا والذنوب إِلى درجة الإِدمان. وتجدر الإِشارة إِلى أنّ هذه الآية تنتقد جميع أهل الكتاب، وواضح أنّها ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ إنّ كلمة "تنقمون" مشتقة من المصدر "نقمة" وتعني في الأصل إِنكار شيء معين نطقاً أو فعلا كما تأتي بمعنى إيقاع العقاب أو الجزاء.