[37] إِنّ بيان هذا الإِحتمال من قبل الله سبحانه وتعالى، مع كونه ـ عزّ وجلّ ـ عالماً بجميع ما سيحصل في المستقبل، يدل على أنّ الآية تشير إِلى الإِنتصارات العسكرية والإِجتماعية والإِقتصادية التي سيحرمها المسلمون في المستقبل. وتشير الآية في الختام إِلى مصير عمل المنافقين، وتبيّن أنّه حين يتحقق الفتح للمسلمين المؤمنين وتنكشف حقيقة عمل المنافقين يقول المؤمنون ـ بدهشة ـ: هل أنّ هؤلاء المنافقين هم أُولئك الذين كانوا يتشدقون بتلك الدعاوى ويحلفون بالايمان المغلظة بأنّهم معنا، فكيف وصل الأمر بهم إِلى هذا الحدّ؟ حيث تقول الآية: (ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد ايمانهم أنّهم لمعكم...)(1). إِنّ هؤلاء لنفاقهم هذا ذهبت أعمالهم أدراج الرياح، لأنّها لم تكن نابعة من نيّة خالصة صادقة، ولهذا فقد أصبحوا من الخاسرين ـ سواء في هذه الدنيا أو الآخرة معاً ـ حيث تؤكّد الآية هذا الأمر بقولها: (حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين). والجملة الأخيرة تشبه ـ في الحقيقة ـ جواباً لسؤال مقدر، وكأن شخصاً يسأل: ماذا سيكون مصير هؤلاء؟ فيجاب بأنّ أعمالهم أدراج الرياح، وستطوقهم الخسارة من كل جانب، أي أنّ هؤلاء ـ حتى لو كانت لهم أعمال صدرت عنهم باخلاص ونية صادقة ـ فهم لا يحصلون على أي نتيجة حسنة من تلك الأعمال الصالحة لإنحرافهم صوب النفاق والشّرك بعد ذلك: وقد شرحنا هذا الأمر في الجزء الثّاني من تفسيرنا هذا عند تفسير الآية (217) من سورة البقرة. الإِعتماد على الغرباء: ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ في هذه الآية تكون كلمة "هؤلاء" مبتدأ وخبرها جملة "الذين أقسموا بالله" أمّا جملة "جهد إِيمانهم" فهي مفعول مطلق.