[34] وأظهر النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) خشيته على عبادة وعبدالله من صداقة اليهود مشيراً إِلى أنّ خطر صداقة اليهود على عبدالله أكبر من خطرها على عبادة بن صامت، فقال عبدالله بأنّه مادام الأمر كذلك فإنّه سيتخلى عن صداقته وعهده مع اليهود، فنزلت الآيات الأخيرة وهي تحذر المسلمين من التحالف مع اليهود والنصارى. التّفسير لقد حذرت الآيات الثلاث الأخيرة المسلمين ـ بشدّة ـ من الدخول في أحلاف مع اليهود والنصارى، فالآية الاُولى منها تمنع المسلمين من التحالف مع اليهود والنصارى أو الإِعتماد عليهم (أي أنّ الإِيمان بالله يوجب عدم التحالف مع هؤلاء إن كان ذلك لأغراض ومصالح مادية) حيث تقول الآية: (يا أيّها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ...). وكلمة "أولياء" صيغة جمع من "ولي" وهي مشتقة من مصدر "الولاية" وهي بمعنى التقارب الوثيق بين شيئين، وقد وردت بمعنى "الصداقة" و"التحالف" و"الإِشراف". لكن بالنظر إِلى سبب النّزول والقرائن الأُخرى الموجودة، فإنّ المراد ليس منع المسلمين من اقامة أي علاقات تجارية واجتماعية مع اليهود والنصارى، بل المقصود هو منع المسلمين من التحالف مع هؤلاء أو الإِعتماد عليهم في مواجهة الأعداء. وكانت قضية التحالف رائجة في ذلك العصر بين العرب، وكان يطلق على ذلك "الولاء". والملفت للنظر في هذه الآية أنّها لم تعتمد تسمية "أهل الكتاب" لدى تحدثها عن اتباع الديانتين السماويتين المعروفتين، بل استخدمت كلمتي "اليهود والنّصارى" وربّما يكون هذا إِشارة إِلى أنّ اليهود والنصارى لو كانوا يعملون