[7] وسيأتي شرح هذا الموضوع في تفسير نفس هذه الآيات. لقد بدأت الآية الاُولى ـ من الآيتين الأخيرتين ـ الخطاب بعبارة (يا أيّها الرّسول) وقد وردت هذه العبارة في مكانين من القرآن: أوّلهما في الآية موضوع البحث، والثّاني في الآية (67) من نفس هذه السورة والتي تتعرض لقضية الولاية والخلافة. وربّما جاء استخدام هذا التعبير من أجل إِثارة أكثر لدافع الشعور بالمسؤولية لدى النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وتعزيز ارادته، ومخاطبته بأنّه هو رسول الله، وعليه أن يستقيم ويصمد في ابلاغ الحكم المكلّف به. بعد ذلك تطمئن الآية النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ كتمهيد لبيان الحكم التالي ـ فتقول: (لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم). ويرى البعض أن عبارة (يسارعون في الكفر) تختلف عن عبارة "يسارعون إِلى الكفر" وذلك لأنّ العبارة الاُولى تقال بشأن أفراد كافرين غارقين في كفرهم، ويتسابقون فيما بينهم للوصول إِلى آخر مرحلة من الكفر، أمّا العبارة الثّانية فتقال في من يعيشون خارج حدود الكفر لكنّهم يتسابقون للوصول إِليه(1). وبعد أن تذكر الآية تجاوزات المنافقين والأعداء الداخليين، تتناول وضع الأعداء الخارجيين واليهود الذين كانوا سبباً لحزن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فتقول الآية: (ومن الذين هادوا ...). ثمّ تشير الآية إِلى قسم من تصرفات هؤلاء المشوبة بالنفاق والرياء، وفتؤكّد أنّهم إِنّما يستمعون كلام النّبي لا لأجل اطاعته، بل لكي يجعلوا من ذلك وسيلة لتكذيب النّبي والإِفتراء عليه حيث تقول الآية: (سماعون للكذب). ولهذه الجملة القرآنية تفسير آخر، هو أنّ هؤلاء اليهود يستمعون كثيراً إِلى أكاذيب قادتهم وزعمائهم، لكنّهم لا يبدون استعداداً لإِستماع قول الحق ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ المنار، ج 6، ص 388.