فهذه الاقاويل التي وصفت مذاهب أهل السنة والأثر وأصحاب الرواية وحملة العلم النبوي فمن خالف شيئا من هذه أو طعن فيهم أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق .
وما ذكرته من العقائد ينبغي أن يقدم إلى الصبي في أول نشوه ليحفظه ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئا فشيئا ومن فضل الله على قلب الإنسان ان شرحه في أول نشوه للإيمان من غير حاجة إلى حجة وبرهان فلا بد من إثباته في نفس الصبي والعامي حتى يترسخ ولا يتزلزل .
وليس الطريق في تقويته وإثباته أن يعلم صفة الكلام والجدال بل يشتغل بتلاوة القرآن وقراءة الحديث ومعانيه ويشتغل بوظائف العبادات فلا يزال اعتقاده يزداد رسوخا بما يقرع سمعة من أدلة القرآن وحججه وبما يرد عليه من شواهد الأحاديث وفوائدها وبما يسطع عليه من أنوار العبادة ووظائفها .
وينبغي أن يحرس سمعه من الجدال والكلام غاية الحراسة فإن ما يشوشه الجدل أكثر مما يمهده وما يفسده الكلام أكثر مما يصلحه وقد كتبنا في ذم الكلام رسالة سميناها قصد السبيل في ذم الكلام والتأويل وناهيك بالعيان برهانا فقس عقيدة آهلي الصلاح والتقى من عوام الناس بعقيدة المتكلمين والمجادلين ترى اعتقاد العامي في الثبات كالطود الشامخ لا تحركه الدواهي والصواعق وعقيدة المتكلم الحائر بين اعتقاد وتقسيمات الجدل كخيط مرسل في الهواء تقلبه الرياح مرة هكذا ومرة هكذا ثم الصبي إذا وقع نشوه على هذه العقيدة إن اشتغل بكسب الدنيا لم يتضح له غيرها ولكنه يسلم في الاخرة باعتقاد أهل الحق إذ لم يكلف الشرع أجلاف العرب أكثر من التصديق الجازم بظاهر هذه العقائد فأما البحث والتفتيش وتكلف نظم الأدلة فلم يكلفوا به أصلا إن أراد أن يكون من سالكي طريق الآخرة وساعده التوفيق حتى اشتغل بالعمل