وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[ 46 ] البحث والدراية. أما الطريقة الجديدة التي اتبعت بعد القرن الثالث فبدأت بإخراج المسائل الفقهية من قالب الرواية والحديث وإيراد السند إلى صورة الفتوى فكان الفقيه بدل أن يروى للناس في كل حكم رواية أو روايات، يعمد إلى استنباط الحكم منها حسب فهمه ثم يعرضه كفتوى على من استفتاه أو من قلده في دينه. وقد يقال إن أول من سلك هذه الطريقة وفتح هذا الباب على الناس في المذهب الامامي هو أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، المتوفى عام 329 ه‍، والد المحدث والفقيه الكبير الشيخ الصدوق حيث أبرز فتاويه في رسالته إلى ولده التي أورد كثيرا من الفاظها الشيخ الصدوق في كتبه الفقهية: كالفقيه والمقنع والهداية وبعد علي بن بابويه تأسى الآخرون به وألفوا في الفقه على منواله وفي طليعتهم ولده الشيخ الصدوق في الكتب المذكورة ولا سيما المقنع والهداية وطبعا لا يعني هذا القول أنه توقفت عملية نقل الحديث وجمع الروايات الفقهية والسير الصعودي فيها في الفترة الجديدة اكتفاء بايراد الفتاوى بل الامر بالعكس فنجد العلماء لم يتركوا الطريقة القديمة بل توسعوا فيها واتقنوا العمل في جمع الاحاديث، وساروا في ذلك مع الزمن إلى يومنا هذا، مع أن هذا الفن من العلم كغيره من الفنون تعرض خلال العصور تارة إلى التألق والتقدم وأخرى إلى الركود والتأخر. ولكن مع كل هذا لم يتوقف رأسا ولن يتوقف مادام باب الفقه والاجتهاد مفتوحا. إذ الحديث ليس سوى كلام الرسول والائمة ونص فتاويهم، وهو بعد القرآن يعتبر أكبر مصدر للفقه. بل حاجة الفقه في الفروع والاحكام الجزئية إلى الروايات أشد من حاجته إلى القرآن الكريم الحاوى لاصول الاحكام وكلياتها، دون الفروع الحادثة مع الزمن التي عنونت في خلال الاحاديث. ونحن نعلم أن تشخيص صحيح الحديث عن سقيمه لا يتيسر إلا بالنظر إلى السند. فالفقيه مهما بلغ من رفض التقليد، والاستقلال بالرأي في المسائل الفقهية، وعدم التسليم لرأي غيره من الفقهاء فلا يستغني في وقت من الاوقات عن الحديث والرجوع إليه. ولن يتخلى عن مراجعة كتب الحديث فلا يسد باب التأليف في الحديث أبدا. وهكذا رأينا أنهم بعد هذه الانطلاقة الجديدة بدأوا بتدوين المجامع الكبيرة والمعتبرة عند الشيعة التي من جملتها الكتب الاربعة المشهورة، حيث ظهرت كلها في الفترة الجديدة من الفقه إلا أن هذا النوع من الفقه أي الفقه المستند ينبغي أن يعد نوعا من الفقه في الفترات المتأخرة، أما قبل تلك الفترة الحادثة فقد كان الفقه عند الشيعة الامامية منحصرا في الفقه الحديثي أو الفقه المأثور فلو فرض وجود أشكال أخرى من الفقه حين ذاك، فإنما كانت ________________________________________