[ 65 ] به صلاح المكلف حسب ما قدمناه. ولا يعترض هذا الوجه ما تهذي به البراهمة (1) من قولهم: إن العاقل غني بعقله عن البعثة، لعلمه به حسن (2) الحسن وقبح القبيح، والبعثة لا يجوز أن تتضمن تقبيح حسن ولا تحسين قبيح فهي عبث. لاتفاقنا وهم [ وإياهم ظ ] على وجوب اللطف في حكمته سبحانه، وأنه لا يختص شيئا معينا، وأنه غير ممتنع أن يكون وجود شجرة في فلاة أو صخرة في جبل لطفا لبعض المكلفين، وذلك مسقط لشبهتهم لجواز تعلق اللطف بأفعال المكلف كتعلقه بالجماد ووجوب بيانه له. فتسليم اللطف وأنه لا يختص شيئا معينا وإنكار البعثة مناقضة ظاهرة، و المنازعة في اللطف وأحكامه جهل بحكمته سبحانه الذي لا يمكن معه كلام في النبوة ولما يرتفع بالنظر في أدلة عدله سبحانه. على أن قسمتهم يقتضيه المعقول (3) إلى قبيح لا يحسن وحسن لا يقبح فاسدة بالضرورة، لعلم كل عاقل بانقسام ما يقتضيه إلى أربعة أقسام: واجب لا يقبح كالصدق والانصاف، وقبيح لا يحسن كالظلم والكذب، و مندوب لا يقبح كالاحسان وحسن الخلق والأمر بالحسن والنهي عن القبيح، و يجوز أن يجب إذا كان وصلة إلى واجب، ومباح كالأكل والشرب والتصرف في ________________________________________ (1) قيل: سموا براهمة لانتسابهم إلى إبراهيم عليه السلام، وذلك خطأ، فإنهم المخصوصون بنفي النبوات أصلا فكيف يقولون بإبراهيم عليه السلام، وقيل لانتسابهم إلى رجل يقال له براهم وقد مهد لهم نفي النبوات أصلا. راجع الملل والنحل للشهرستاني. (2) لعمله بحسن الحسن، كذا في بعض النسخ. (3) كذا في بعض النسخ، ولعل الصحيح هكذا: ما يقتضيه العقول. ________________________________________