[ 34 ] [ حقيقة التكليف ]... واشترطنا (1) فرض الطاعة في المريد كالقديم سبحانه تعالى ومن خلق، والنبي والأمة، والإمام والرعية، والسيد وعبده، والوالد وولده. والمنعم على غيره بجميع ما تقوم به حياته وتكمل به مسرته، لأنا نعلم أنه متى أراد أحد من ذكرناه ممن تلزمه طاعته شيئا سميت إرادته تكليفا، ولا يصح ذلك في من لا طاعة له كالاغنياء والفقراء، وإنما أوجبت هذه القضية لوجوب امتثال مراد من ذكرناه وسقوط فرض الامتثال في من عداه. واشترطنا المشقة، من حيث كانت إرادة ما فيه لذة كالأكل والشرب، أو ما لا لذة فيه ولا مشقة، لا تكون تكليفا بغير شبهة. واشترطنا الابتداء، لأنه لو أراد من تجب طاعته ما فيه مشقة قد تقدمت إرادة غيره له كالصدق والانصاف واجتناب الظلم والكذب وفعل الصلاة والزكاة واجتناب الزنا والربا لم يكن مكلفا ولا إرادته تكليفا من حيث كانت إرادة القديم سبحانه سابقة لإرادته. ________________________________________ (1) قال المؤلف كتابه " تقريب المعارف ": فأما حقيقة التكليف فهي إرادة الأعلى من الأدنى ما فيه مشقة على جهة الابتداء والدليل على صحة ذلك أنه متى تكاملت هذه الشرط وصف المريد بأنه مكلف والإرادة بأنها تكليف والمراد منه بأنه مكلف، متى اختل شرط لم يثبت شئ من هذا الوصف ________________________________________