[ 34 ] ثم هو ينكر ما يقول أصحاب الطبائع في المنامات ويفند آراءهم (1). ونحن لا نريد أن نعلق أو نبسط القول في هذه المقدمة الموجزة على ما يقوله في النفس إذ له ما يشير أو يصرح بوجود روح في الانسان بها قوام الجسد (2). كما أن له من القول في شعره ما يشعر ببقائها بعد تلاشي الجسد: ومن أين البقاء والجسم ترب * يتلاشى وإنما الروح روح (3)؟ إلا أننا لم نقف له على قول يبين لنا كنه تلك الروح أو صفاتها، والظاهر من كلامه المار أنها لم تكن جوهرا بسيطا مجردا تتعلق بالبدن في حياته، وتفارقه عند مماته، كما يقول الأكثرون، أو يصوره الفلاسفة الأقدمون، ولعلها مادة موجودة في البدن متى وجدت أسبغت عليه صفة الحياة، فإن اختلت أو فقدت، اتصف البدن بالممات، أو هي على الأصح نسمة من أمر الله كما عبر عنها القرآن الكريم - إن أريد بمعنى الروح - ذلك -. وعلى كل فليس في قول المرتضى ما يستفاد منه إنكار الروح أصلا، ولكنه ينكر ما يصوره الفلاسفة من أوصافها من الجوهرية والتجرد والبساطة... وما ينسبون إليها من أعمال، وليس في قوله هذا ما يستفاد منه إنكار البعث كما قد توهم أو يتوهم البعض إذ لا ملازمة بين إنكارها وإنكاره. وعسى أن نوفق إلى بسط القول في ذلك في مجال آخر إن شاء الله تعالى. رأيه في المنجمين: يذهب المرتضى إلى تخريف المنجمين وتسخيفهم، وإلى أنهم مشعوذون دجالون، وأن ما يقولون به من تأثيرات النجوم وسير الكواكب وأثر الطالع ونحس الأيام ويمنها، كل ذلك لا طائل تحته ولا حقيقة فيه، وقد كان يجب لو كان قد صح القول بالنجوم وأحكامها، أن تكون سلامة المنجمين أكثر ومصائبهم أقل، لأنهم يتوقون المحن ________________________________________ (1) الأمالي 2 / 393 و 394 و 395. (2) الأمالي 1 / 12. (3) الديوان، القسم الأول ص 188. ________________________________________