( 25 ) فظاهر الكلام أنّ "خرب" صفة "ضب"، ومن المعلوم أنّه صفة "جحر" ولكنّه تبع في الاِعراب جاره أعني "ضبٍّ". ثم إنّـهم استشهدوا بأبيات للشعراء منها: قول أمرىَ القيس: كأنّ ثبيراً في عرانـين وَبْلِه * كبير أُناس في بجاد مزمل فإنّ مقتضى القياس رفع "مزمل" لاَنّه وصف "كبير أُناس" وإنّما انخفض لاَجل الجوار . أقول: أمّا المثل فلاَنّه لم يثبت متواتراً أنّ العرب تخفض "خرب" وان اشتهر في الاَلسن ولعلهم يقرأونه بالرفع خبراً لـ "جحر". و لو ثبتت قراءة الجرّ لكن لا يمكن تفسير القرآن الكريم بهذا المثل الذي لم تثبت كيفية جرّه بنقل متواتر . قال ابن هشام: أنكر السيرافي وابن جنّي الخفض على الجوار وتأوّلا قولهم "خَرِبٍ" بالجر على أنّه صفة لضب. ثم قال السيرافي: الاَصل خربٍ الجُحْر منه، بتنوين خربٍ ورفع الجحر، ثم حذف الضمير للعلم به، وحُوِّل الاسنادُ إلى ضمير الضب، وخفض الجحرُ ـ كما تقول "مررت برجلٍ حسنِ الوجه" بالاِضافة، والاَصلُ حسنٍ الوجهُ منه ـ ثم أُتى بضمير الجُحر مكانه لتقدم ذكره فاستتر . وقال ابن جنّي: الاَصل خربٍ جحره، ثم أنيب المضاف إليه عن المضاف فارتفع واستتر . (1) ____________ 1 . مغني اللبيب: 896، الباب الثامن، القاعدة الثانية.