( 22 ) أمّا الاَوّل، فقد قرأ بها: ابن كثير، وأبو عمرو ، وحمزة، وأبو بكر، عن عاصم، وقرأ الباقون بالنصب. فالقائل بالمسح، يفسّـر كلتا القراءتين على ضوء القواعد العربيّة بلا شذوذ، ويقول: إنّ أرجلكم معطوفة على الروَوس، فجرّها لعطفها على ظاهر الروَوس، ونصبها لعطفها على محلّ الروَوس، لاَنّها مفعول لقوله: (وامسحوا) فكما أَنّ العطف على اللفظ جائز، فكذا على المحلّ، قال سبحانه: (أنَّ اللّهَ بريءٌ من المشركينَ ورسولُهُ) (التوبة ـ 3) فإنّ قوله: (ورسوله) بالضم عطف على محل اسم انّ، أعني: لفظ الجلالة، لكونه مبتدأ، وقد ملاَت مسألة العطف على المحل كتب الاَعاريب. (1) نظير قول القائل: معاوي إنّنا بشر فاسجـح * فلسنا بالجبـال ولا الحديدا وأمّا القائل بالغسل، فلا يستطيع أن يفسّـر الآية على ضوء القواعد، لاَنّه يفسّـر قراءة النصب بأنّها معطوفة على الوجوه، في الجملة المتقدمة، ويفسر قراءة الخفض بالجر بالجوار. وكلا الوجهين غير صحيحين. أمّا الاَوّل: فلاَنّه يستلزم الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجملة أجنبية، وهي: (وامسحوا برءُوسكم) مع أنّه لا يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بمفرد، فضلاً عن جملة أجنبية. ولم يسمع في كلام العرب الفصيح قائلاً يقول: ضربت زيداً ومررت ببكر وعمراً بعطف "عمراً" على "زيداً". وأمّا الثاني: فهو يقول: بأنّه مجرور لاَجل الجوار، أي لوقوعه في جنب الروَوس المجرورة، نظير قول القائل: "جحر ضب خرب" فان "خرب" خبر ____________ 1 . ابن هشام: مغني اللبيب: الباب الرابع مبحث العطف، قال: الثاني: العطف على المحل ... ثم ذكر شروطه.