( 124 ) لرواية مهما صحّ سندها إذا كانت معارضة للكتاب، ولا يمكن أن يقال أنّها ناسخة له، لما عرفت أنّ الكتاب لا ينسخ بالرواية خصوصاً الآحاد منها، مضافاً إلى أنّ سورة المائدة هي السورة الاَخيرة التي اتّفقت الاَُمّة على عدم نسخ شيء منها، فهل يمكن أن ينزل الوحي في أواخر عمر النبي بالمسح ثم ينسخه بالغسل؟! على أنّ حبر الاَُمّة وعيبة الكتاب والسنّة: عبد اللّه بن عباس كان يحتجّ بالكتاب على المسح، ويقول: افترض اللّه غسلتين ومسحتين، ألا ترى أنّه ذكر التيمم وجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين؟! وكان يقول: الوضوء غسلتان ومسحتان، ولمّا بلغه أنّ الربيع بنت معوذ بن عفراء الاَنصارية تزعم أنّ النبي توضّأ عندها فغسل رجليه، أتاها يسألها عن ذلك، وحين حدّثته به قال ـ غير مصدّق بل منكراً ومحتجاً ـ إنّ الناس أبوا إلاّ الغسل، ولا أجد في كتاب اللّه إلاّ المسح. 2ـ أنّها لو كانت حقّاً لاربت على التواتر ، لاَنّ الحاجة إلى معرفة طهارة الاَرجل في الوضوء حاجة عامّة لرجال الاَُمّة ونسائها، أحرارها ومماليكها، وهي حاجة ماسّة لهم في كلّ يوم وليلة، فلو كان هناك حكم غير المسح بين الحدّين حيث دلّ عليه الكتاب، لَعَلِمَهُ المكلّفون في عهد النبوة وبعده، وكان مسلّماً بينهم، ولتواترت أخباره عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل عصر ومصر، فلا يبقى مجال لاِنكاره ولا الريب فيه، ولمّا لم يكن الاَمر كذلك ظهر لنا الوهن المسقط لتلك الاَخبار عن درجة الاعتبار.