( 117 ) بذل الجهد في فهم الرواية. بقي الكلام في أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لماذا دعا بالويل للاَعقاب من النار ؟ فيه وجوه واحتمالات أرجحها أَنّه كان قوم من طغام العرب يمشون حفاة ولا يبالون من تلبيس الاَرجل بأي نجاسة، وكانوا يتوضّوَون ويمسحون أرجلهم دون غسلها قبل الوضوء من آثار النجاسة، فتوعّدهم النبي بما قال. على أنّ النبي من أفصح العرب وأفضل من نطق بالضاد، فلو أراد بكلمته هذه التنبيه على وجوب غسل الاَرجل لاَتى بكلمة واضحة الدلالة، ترشد المكلّف إلى وظيفته لا أن يتوصل بكلمة غامضة لاِفادة مراده، أعني قوله: "ويل للاَعقاب من النار". وهذه هي حال الصحاح من الروايات، وإليك ما نقل في ذلك المجال من ضعافها، وحسبك ما نذكره فيما يلي: 1ـ عن ابن أبي مليكة قال: رأيت عثمان بن عفان يسأل عن الوضوء؟ فدعا بماء فأتي بميضاة، فأضفى على يده اليمنى، ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثاً واستنثر ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يده اليمنى ثلاثاً وغسل يده اليسرى ثلاثاً أدخل يده فأخذ ماءً فمسح برأسه وأُذنيه فغسل بطونهما وظهورهما مرّة واحدة، ثم غسل رجليه، ثم قال: أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يتوضّأ (1) وفي سنده ابن أبي مليكة، قال عنه البخاري وأحمد: منكر الحديث (2)وقال ____________ 1 . جامع الاَُصول: 7|155. 2. التاريخ الكبير: 5|260.