وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 284 @ بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ } قيل : في الكلام حذف ، التقدير : فاختلف أممهم واقتتلوا . ولو شاء الله ، ومفعول شاء محذوف تقديره : أن لا تقتتلوا ، وقيل : أن لا يأمر بالقتال ، قاله الزجاج وقال مجاهد : أن لا تختلفوا الإختلاف الذي هو سبب القتال ، وقيل : ولو شاء الله أن يضطرهم إلى الإيمان فلم يقتتلوا ، وقال أبو عليّ بأن يسلبهم القوى والعقول التي يكون بها التكليف ، ولكن كلفهم فاختلفوا بالكفر والإيمان . وقال عليّ بن عيسى : هذه مشيئة القدرة ، مثل : { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الاْرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا } ولم يشأ ذلك ، وشاء تكليفهم فاختلفوا وقال الزمخشري : ولو شاء الله مشيئة إلجاء وقسر ، وجواب : لو ما اقتتل ، وهو فعل منفي بما ، فالفصيح أن لا يدخل عليه اللام كما في الآية ، ويجوز في القليل أن تدخل عليه اللام ، فتقول : لو قام زيد لما قام عمرو ، و : من بعدهم صلة للذين ، فيتعلق بمحذوف أي : الذين كانوا من بعدهم ، والضمير عائد على الرسل ، وقيل : عائد على موسى وعيسى وأتباعهما . .
وظاهر الكلام أنهم القوم الذين كانوا من بعد جميع الرسل ، وليس كذلك ، بل المراد : ما اقتتل الناس بعد كل نبي ، فلف الكلام لفاً لم يفهمه السامع وهذا كما تقول : اشتريت خيلاً ثم بعتها ، وإن كنت قد اشتريتها فرساً فرساً وبعته ، وكذلك هذا ، إنما اختلف بعد كل نبي ، و : من بعد ، قيل : بدل من بعدهم ، والظاهر أنه متعلق بقوله ما اقتتل ، إذ كان في البينات ، وهي الدلائل الواضحة ، ما يفضى إلى الاتفاق وعدم التقاتل ، وغنية عن الاختلاف الموجب للتقاتل . .
{ وَلَاكِنِ اخْتَلَفُواْ } هذا الاستدراك واضح لأن ما قبلها ضدّ لما بعدها ، لأن المعنى : لو شاء الاتفاق لا تفقوا ، ولكن شاء الاختلاف فاختلفوا . .
{ فَمِنْهُمْ مَّنْ ءامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ } من آمن بالتزامه دين الرسل واتباعهم ، ومن كفر باعراضه عن اتباع الرسل حسداً وبغياً واستئثاراً بحطام الدنيا . .
{ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ } قيل : الجملة تكررت توكيداً للأولى ، قاله الزمخشري . وقيل : لا توكيد لاختلاف المشيئتين ، فالأولى : ولو شاء الله أن يحول بينهم وبين القتال بأن يسلبهم القوى والعقول ، والثانية : ولو شاء الله أن يأمر المؤمنين بالقتال ، ولكن أمر وشاء أن يقتتلوا ، وتعلق بهذه الآية مثبتو القدر ونافوه ، ولم يزل ذلك مختلفاً فيه حتى كان الأعشى في الجاهلية نافياً حيث قال : % ( استأثر الله بالوفاء وبالعد % .
ل وولى الملامة الرجلا .
) % .
وكان لبيد مثبتاً حيث قال : % ( من هداه سبل الخير اهتدى % .
ناعم البال ومن شاء أضل .
) % .
{ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } هذا يدل على أن ما أراد الله فعله فهو كائن لا محالة ، وإن ارادة غيره غير مؤثرة ، وهو تعالى المستأثر بسر الحكمة فيما قدّر وقضى من خير وشر ، وهو فعله تعالى . وقال الزمخشري : ولكنّ الله يفعل ما يريد من الخذلان والعصمة ، وهذا على طريقة الاعتزالية . .
قيل : وتضمنت هذه الآية الكريمة من أنواع البلاغة : التقسيم ، في قوله : { مّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ اللَّهُ } بلا واسطة ، ومنهم من كلمه بواسطة ، وهذا التقسيم اقتضاه المعنى ، وفي قوله { فَمِنْهُمْ مَّنْ ءامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ } وهذا التقسيم ملفوظ به . و : الاختصاص ، مشاراً إليه ومنصوباً عليه ، و : التكرار ، في لفظ البينات ، وفي { وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ } على أحد التأويلين . و : الحذف ، في قوله { مّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ اللَّهُ } أي كفاحاً وفي قوله { يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } يعني من هداية من شاء وضلالة من شاء . .
{ يُرِيدُ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم } مناسبة هذه الآية لما قبلها