وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 252 @ كفرهم على كل حال ، سواء أظفروا بهم أم لم يظفروا ، وإنما هو معطوف على جملة الشرط والجزاء ، أخبر تعالى بخبرين : أحدهما اتضاح عداوتهم والبسط إليهم ما ذكر على تقدير الظفر بهم ، والآخر ودادتهم كفرهم ، لا على تقدير الظفر بهم . .
ولما كان حاطب قد اعتذر بأن له بمكة قرابة ، فكتب إلى أهلها بما كتب ليرعوه في قرابته ، قال تعالى : { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ } : أي قراباتكم الذين توالون الكفار من أجلهم ، وتتقربون إليهم محاماة عليهم . ويوم معمول لينفعكم أو ليفصل . وقرأ الجمهور ؛ { يُفَصّلُ } بالياء مخففاً مبنياً للمفعول . وقرأ الأعرج وعيسى وابن عامر : كذلك إلا أنه مشدد ، والمرفوع ، إما { بَيْنِكُمْ } ، وهو مبني على الفتح لإضافته إلى مبني ، وإما ضمير المصدر المفهوم من يفصل ، أي يفصل هو ، أي الفصل . وقرأ عاصم والحسن والأعمش : يفصل بالياء مخففاً مبنياً للفاعل ؛ وحمزة والكسائي وابن وثاب : مبنياً للفاعل بالياء مضمومة مشدداً ؛ وأبو حيوة وابن أبي عبلة : كذلك إلا أنه بالنون مشدداً ؛ وهما أيضاً وزيد بن علي : بالنون مفتوحة مخففاً مبنياً للفاعل ؛ وأبو حيوة أيضاً : بالنون مضمومة ، فهذا ثماني قراآت . .
ولما نهى عن موالاة الكفار ، ذكر قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وأن من سيرته التبرؤ من الكفار ليقتدوا به في ذلك ويتأسوا . وقرأ الجمهور : إسوة بكسر الهمزة ، وعاصم بضمها ، وهما لغتان . { وَالَّذِينَ مَعَهُ } ، قيل : من آمن به . وقال الطبري وغيره : الأنبياء معاصروه ، أو كانوا قريباً من عصره ، لأنه لم يرو أنه كان له أتباع مؤمنون في مكافحته لهم ولنمروذ . ألا تراه قال لسارة حين رحل إلى الشام مهاجراً من بلد نمروذ : ما على الأرض من يعبد الله غيري وغيرك ؟ والتأسي بإبراهيم عليه السلام هو في التبرؤ من الشرك ، وهو في كل ملة وبرسولنا عليه الصلاة والسلام على الإطلاق في العقائد وأحكام الشرع . وقرأ الجمهور ؛ { بَرَاء } جمع بريء ، كظريف وظرفاء ؛ وعيسى : براء جمع بريء أيضاً ، كظريف وظراف ؛ وأبو جعفر : بضم الباء ، كتؤام وظؤار ، وهم اسم جمع الواحد بريء وتوأم وظئر ، ورويت عن عيسى . قال أبو حاتم : زعموا أن عيسى الهمداني رووا عنه براء على فعال ، كالذي في قوله تعالى : { إِنَّنِى بَرَاء مّمَّا تَعْبُدُونَ } في الزخرف ، وهو مصدر على فعال يوصف به المفرد والجمع . وقال الزمخشري : وبراء على إبدال الضم من الكسر ، كرخال ورباب . انتهى . فالضمة في ذلك ليست بدلاً من كسرة ، بل هي ضمة أصلية ، وهو قريب من أوزان أسماء الجموع ، وليس جمع تكسير ، فتكون الضمة بدلاً من الكسرة ، إلا قول إبراهيم استثناء من قوله : { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } ، قاله قتادة والزمخشري . قال مجاهد وقتادة وعطاء الخراساني وغيرهم : المعنى أن الأسوة لكم في هذا الوجه لا في الوجه الآخر ، لأنه كان لعلمه ليست في نازلتكم . .
وقال الزمخشري : فإن قلت : فإن كان قوله : { لاَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } مستثنى من القول الذي هو { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } ، فما بال قوله : { فَمَا * أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَىْء } ، وهو غير حقيق بالاستثناء ؟ ألا ترى إلى قوله : { فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مّنَ اللَّهِ شَيْئاً } ؟ قلت : أراد استثناء جملة قوله لأبيه ، والقصد إلى موعد الاستغفار له وما بعده مبني عليه وتابع له ، كأنه قال : أنا أستغفر لك وما في طاقتي إلا الاستغفار . انتهى . وقال الزمخشري : أولاً بعد أن ذكر أن الاستثناء هو من قوله : { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } في مقالات قال : لأنه أراد بالأسوة الحسنة ، فهو الذي حق عليهم أن يأتسوا به ويتخذوه سنة يستنون بها . انتهى . والذين يظهر أنه مستثنى من مضاف لإبراهيم تقديره : أسوة حسنة في مقالات إبراهيم ومحاوراته لقومه إلا قول إبراهيم لأبيه { لاَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } ، فليس فيه أسوة حسنة ، فيكون على هذا استثناء متصلاً . وأما أن يكون قول إبراهيم مندرجاً في أسوة حسنة ، لأن معنى الأسوة هو الاقتداء والتأسي ، فالقول ليس مندرجاً تحته ، لكنه مندرج تحت مقالات إبراهيم عليه السلام . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون الاستثناء من التبري والقطيعة التي ذكرت ، لم تبق جملة إلا كذا . انتهى . وقيل : هو استثناء منقطع المعنى ، لكن قول إبراهيم لأبيه { لاَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } ، فلا تأسوا به فيه فتستغفروا وتفذوا آباءكم الكفار بالاستغفار . { رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا } وما بعده ، الظاهر أنه من تمام قول إبراهيم متصلاً بما قبل الاستثناء ، وهو من جملة ما يتأسى به فيه ، وفصل بينهما بالاستثناء اعتناء بالاستثناء ولقربه من المستثنى منه ، ويجوز أن يكون أمراً من الله للمؤمنين ، أي قولوا ربنا عليك توكلنا ، علمهم بذلك قطع العلائق التي