وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 187 @ ولم يذكر المعلم ، ذكره بعد في قوله : { خَلَقَ الإِنسَانَ } ، ليعلم أنه المقصود بالتعليم . ولما كان خلقه من أجل الدين وتعليمه القرآن ، كان كالسبب في خلقه تقدّم على خلقه . ثم ذكر تعالى الوصف الذي يتميز به الإنسان من المنطق المفصح عن الضمير ، والذي به يمكن قبول التعليم ، وهو البيان . ألا ترى أن الأخرس لا يمكن أن يتعلم شيئاً مما يدرك بالنطق ؟ وعلم متعدّية إلى اثنين ، حذف أولهما لدلالة المعنى عليه ، وهو جبريل ، أو محمد عليهما الصلاة والسلام ، أو الإنسان ، أقوال . وتوهم أبو عبد الله الرازي أن المحذوف هو المفعول الثاني ، قال : فإن قيل : لم ترك المفعول الثاني ؟ وأجاب بأن النعمة في التعليم ، لا في تعليم شخص دون شخص ، كما يقال : فلان يطعم الطعام ، إشارة إلى كرمه ، ولا يبين من يطعمه . انتهى . والمفعول الأول هو الذي كان فاعلاً قبل النقل بالتضعيف أو الهمزة في علم وأطعم . .
وأبعد من ذهب إلى أن معنى { عَلَّمَ الْقُرْءانَ } : جعله علامة وآية يعتبر بها ، وهذه جمل مترادفة ، أخبار كلها عن الرحمن ، جعلت مستقلة لم تعطف ، إذ هي تعداد لنعمه تعالى . كما تقول : زيد أحسن إليك ، خوّلك : أشار بذكرك ، والإنسان اسم جنس . وقال قتادة الإنسان : آدم عليه السلام . وقال ابن كيسان : محمد صلى الله عليه وسلم ) . وقال ابن زيد والجمهور : { البَيَانَ } : المنطق ، والفهم : الإبانة ، وهو الذي فضل به الإنسان على سائر الحيوان . وقال قتادة : هو بيان الحلال والشرائع ، وهذا جزء من البيان العام . وقال محمد بن كعب : ما يقول وما يقال له . وقال الضحاك : الخير والشر . وقال ابن جريج : الهدى . وقال يمان : الكتابة . ومن قال : الإنسان آدم ، فالبيان أسماء كل شيء ، أو التكلم بلغات كثيرة أفضلها العربية ، أو الكلام بعد أن خلقه ، أو علم الدنيا والآخرة ، أو الاسم الأعظم الذي علم به كل شيء ، أقوال ، آخرها منسوب لجعفر الصادق . .
ولما ذكر تعالى ما أنعم به على الإنسان من تعليمه البيان ، ذكر ما امتن به من وجود الشمس والقمر ، وما فيهما من المنافع العظيمة للإنسان ، إذ هما يجريان على حساب معلوم وتقدير سوي في بروجهما ومنازلهما . والحسبان مصدر كالغفران ، وهو بمعنى الحساب ، قاله قتادة . وقال الضحاك وأبو عبيدة : جمع حساب ، كشهاب وشهبان . قال ابن عباس وأبو مالك وقتادة : لهما في طلوعهما وغروبهما وقطعهما البروج ، وغير ذلك حسبانات شتى . وقال ابن زيد : لولا الليل والنهار لم يدر أحد كيف يحسب شيئاً يريد من مقادير الزمان . وقال مجاهد : الحسبان : الفلك المستدير ، شبهه بحسبان الرحى ، وهو العود المستدير الذي باستدارته تستدير المطحنة . وارتفع الشمس على الابتداء وخبره بحسبان ، فأما على حذف ، أي جري الشمس والقمر كائن بحسبان . وقيل : الخبر محذوف ، أي يجريان بحسبان ، وبحسبان متعلق بيجريان ، وعلى قول مجاهد : تكون الباء في بحسبان ظرفية ، لأن الحسبان عنده الفلك . .
ولما ذكر تعالى ما أنعم به من منفعة الشمس والقمر ، وكان ذلك من الآيات العلوية ، ذكر في مقابلتهما من الآثار السفلية النجم والشجر ، إذ كانا رزقاً للإنسان ، وأخبر أنهما جاريان على ما أراد الله بهما ، من تسخيرهما وكينونتهما على ما اقتضته حكمته تعالى . ولما ذكر ما به حياة الأرواح من تعليم القرآن ، ذكر ما به حياة الأشباح من النبات الذي له ساق ، وكان تقديم النجم ، وهو مالا ساق له ، لأنه أصل القوت ، والذي له ساق ثمره يتفكه به غالباً . والظاهر أن النجم هو الذي شرحناه ، ويدل عليه اقترانه بالشجر . وقال مجاهد وقتادة والحسن : النجم : اسم الجنس من نجوم السماء . وسجودهما ، قال مجاهد والحسن : ذلك في النجم بالغروب ونحوه ، وفي الشجر بالظل واستدارته . وقال مجاهد أيضاً : والسجود تجوز ، وهو عبارة عن الخضوع والتذلل . والجمل الأول فيها ضمير يربطها بالمبتدأ ، وأما في هاتين الجملتين فاكتفى بالوصل المعنوي عن الوصل اللفظي ، إذ معلوم أن الحسبان هو حسبانه ، وأن السجود له لا لغيره ، فكأنه قيل : بحسبانه ويسجدان له . ولما أوردت هذه الجمل