وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 95 @ هذا الصنع من جملة الأشياء التي أتقنها وأتى بها على الحكمة والصواب ، حيث قال : { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء } ، يعني ؛ أن مقابلته الحسنة بالثواب ، والسيئة بالعقاب ، من جملة أحكامه للأشياء وإتقانه لها واجرائه لها على قضايا الحكمة أنه عالم بما يفعل العباد ، وبما يستوجبون عليه ، فيكافئهم على حسب ذلك . ثم لخص ذلك بقوله : { مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ } ، إلى آخر الآيتين . فانظر إلى بلاغة هذا الكلام ، وحسن نظمه وترتيبه ، ومكانة إضماده ، ورصانة تفسيره ، وأخذ بعضه بحجزة بعض ، كأنما أفرغ إفراغاً واحداً ، وما لأمر أعجز القوى وأخرس الشقاشق ، ونحو هذا المصدر ، إذا جاء عقيب كلام ، جاء كالشاهد لصحته ، والمنادى على سداده ، وأنه ما كان ينبغي أن يكون إلا كما كان . ألا ترى إلى قوله : { صُنْعَ اللَّهِ } ، و { صِبْغَةَ اللَّهِ } ، و { وَعَدَ اللَّهُ } ، و { عَبْدُ اللَّهِ } ؟ بعد ما رسمها بإضافتها إليه تسمية التعظيم ، كيف تلاها بقوله : { الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء * وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً } ، { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } ، { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } ؟ انتهى . وهذا الذي ذكر من شقاشقه وتكثيره في الكلام ، واحتياله في إدارة ألفاظ القرآن لما عليه ، من مذاهب المعتزلة . .
والذي يظهر أن صنع الله مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة ، وهي جملة الحال ، أي صنع الله بها ذلك ، وهو قلعها من الأرض ، ومرّها مرًّا مثل مر السحاب . وأما قوله : إلا أن مؤكده محذوف ، وهو الناصب ليوم ينفخ إلى قوله صنع الله ، يريد به الإثابة والمعاقبة ، فذلك لا يصح ، لأن المصدر المؤكد لمضمون الجملة لا يجوز حذف جملته ، لأنه منصوب بفعل من لفظه ، فيجتمع حذف الفعل الناصب وحذف الجملة التي أكد مضمونها بالمصدر ، وذلك حذف كثير مخل . ومن تتبع مساق هذه المصادر التي تؤكد مضمون الجملة ، وجد الجمل مصرحاً بها ، لم يرد الحذف في شيء منها ، إذ الأصل أن لا يحذف المؤكد ، إذ الحذف ينافي التوكيد ، لأنه من حيث أكد معتني به ، ومن حيث حذف غير معتني به . وقيل : انتصب صنع الله على الإغراء بمعنى ، انظروا صنع الله . وقرأ العربيان ، وابن كثير : يفعلون بالياء ؛ وباقي السبعة بتاء الخطاب . .
ولما ذكر علامات القيامة ، ذكر أحوال المكلفين بعد قيام الساعة . .
{ * والحسنة } : الإيمان . وقال ابن عباس ، والنخعي ، وقتادة : هي لا إله إلا الله ، ورتب على مجيء المكلف بالحسنة شيئين : أحدهما : أنه له خير منها ، ويظهر أن خيراً ليس أفعل تفضيل ، ومن لابتداء الغاية ، أي له خير من الخيور مبدؤه ونشؤه منها ، أي من جهة هذه الحسنة ، والخير هنا : الثواب . وهذا قول الحسن ، وابن جريج ، وعكرمة . قال عكرمة : ليس شيء خيراً من لا إله إلا الله ، يريد أنها ليست أفعل التفضيل . وقيل : أفعل التفضيل . فقال الزمخشري : { بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا } ، يريد الإضعاف ، وأن العمل ينقضي والثواب يدوم ، وشتان ما بين فعل العبد وفعل السيد . انتهى . وقوله : وشتان ما بين فعل العبد وفعل السيد ، تركيب مختلف فيه ، فبعض العلماء منعه ، والصحيح جوازه . وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون للتفضيل ، ويكون في قوله : { مِنْهَا } ، حذف مضاف تقديره : خير من