وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 86 @ تعالى : { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الاْرْضِ } . .
وقوله : { وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاء الاْرْضِ } : انتقال من حالة المضطر إلى رتبة مغايرة لحالة الاضطرار ، وهي حالة الخلافة ، فهما ظرفان . وكم رأينا في الدنيا ممن بلغ حالة الاضطرار ثم صار ملكاً متسلطاً . وقرأ الجمهور : تذكرون ، بتاء الخطاب ؛ والحسن ، والأعمش ، وأبو عمرو : بياء الغيبة ، والذال في القراءتين مشددة لإدغام التاء فيها . وقرأ أبو حيوة : تتذكرون ، بتاءين . وظلمة البر هي ظلمة الليل ، وهي الحقيقة ، وتنطلق مجازاً على الجهل وعلى انبهام الأمر فيقال : أظلم عليّ الأمر . وقال الشاعر : .
تجلت عمايات الرجال عن الصبا .
أي جهالات الصبا وهداية البر تكون بالعلامات ، وهداية البحر بالنجوم . .
{ وَمَن يُرْسِلُ الرّيَاحَ بُشْرًاَ بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ } : تقدم تفسير نظير هذه الجملة . وقرىء : عما تشركون ، بتاء الخطاب . { أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ } : الظاهر أن الخلق هو المخلوق ، وبدؤه : اختراعه وإنشاؤه . ويظهر أن المقصود هو من يعيده الله في الآخرة من الإنس والجن والملك ، لا عموم المخلوق . وقال ابن عطية : والمقصود بنو آدم من حيث ذكر الإعادة ، والإعادة البعث من القبور ، ويحتمل أن يريد بالخلق مصدر خلق ، ويكون يبدأ ويعيد استعارة للإتقان والإحسان ، كما تقول : فلان يبدىء ويعيد في أمركذا إذا كان يتقنه . وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف قال لهم أمن يبدأ الخلق ثم يعيده وهم منكرون الإعادة ؟ قلت : قد أنعم عليهم بالتمكين من المعرفة والإقرار ، فلم يبق لهم عذر في الإنكار . انتهى . .
ولما كان إيجاد بني آدم إنعاماً إليهم وإحساناً ، ولا تتم النعمة إلا بالرزق قال : { وَمَن يَرْزُقُكُم مّنَ السَّمَاء } بالمطر ، { والاْرْضِ } بالنبات ؟ { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } : أي أحضروا حجتكم ودليلكم على ما تدعون من إنكار شيء مما تقدم تقريره { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } في أن مع الله إلهاً آخر . فأين دليلكم عليه ؟ وهذا راجع إلى ما تقدم من جميع الاستفهام الذي جيء به على سبيل التقرير ، وناسب ختم كل استفهام بما تقدمه . .
لما ذكر إيجاد العالم العلوي والسفلي ، وما امتن به من إنزال المطر وإنبات الحدائق ، اقتضى ذلك أن لا يعبد إلا موجد العالم والممتن بما به قوام الحياة ، فختم بقوله : { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } ، أي عن عبادته ، أو يعدلون به غيره مما هو مخلوق مخترع . ولما ذكر جعل الأرض مستقراً ، وتفجير الأنهار ، وإرساء الجبال ، وكان ذلك تنبيهاً على تعقل ذلك والفكر فيه ، ختم بقوله : { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ، إذ كان فيهم من يعلم ويفكر في ذلك . ولما ذكر إجابة دعاء المضطر ، وكشف السوء ، واستخلافهم في الأرض ، ناسب أن يستحضر الإنسان دائماً هذه المنة ، فختم بقوله : قليلاً ما تذكرون ، إشارة إلى توالي النسيان إذا صار في خير وزال اضطراره وكشف السوء عنه ، كما قال : { نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ } . ولما ذكر الهداية في الظلمات ، وإرسال الرياح نشراً ، ومعبوداتهم لا تهدي ولا ترسل ، وهم يشركون بها الله ، قال تعالى : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } . واعتقب كل واحدة من هذه الجمل قوله : { مَّعَ الله بَلْ } ، على سبيل التوكيد والتقرير أنه لا إله إلا هو تعالى . .
قيل : سأل الكفار عن وقت القيامة التي وعدهم الرسول صلى الله عليه وسلم ) ، وألحوا عليه ، فنزل : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ } ، الآية . والمتبادر إلى الذهن أن من فاعل يعلم ، والغيب مفعول ، وإلا الله استثناء منقطع لعدم اندراجه في مدلول لفظ من ، وجاء مرفوعاً على لغة تميم ، ودلت الآية على أنه تعالى هو المنفرد بعلم الغيب . وعن عائشة ، رضي الله عنها : من زعم أن محمداً يعلم ما في غد ، فقد أعظم الفرية على الله ، والله تعالى يقول : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ * الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ } ، ولا يقال : إنه مندرج في مدلول من ، فيكون في السموات والأرض ظرفاً حقيقياً للمخلوقين فيهما ، ومجازياً بالنسبة إليه تعالى ، أي هو فيها بعلمه ، لأن في ذلك جمعاً بين الحقيقة والمجاز ، وأكثر العلماء ينكر ذلك ، وإنكاره هو الصحيح . ومن أجاز ذلك فيصح