فبنيت بها الكعبة فعظمت بالطواف حولها ولا يقربها حائض ولا جنب ولا من على غير وضوء .
فكذلك المصحف لا يمسه إلا المطهرون ولا يسافر به إلى أرض العدو إحتراما لكلام الله تعالى ولا يوجب ذلك قدم المصحف كما لا يوجب قدم الكعبة ولا قدم الحجر الأسود الذي يعظم ويقبل ويلتزم .
وكذلك تعظيم الأنبياء واحترامهم لا يوجب قدمهم فما أعظم جهل الحشوية وما أحمقهم وصارت الحروف والأصوات والكتابة كأنها جسد لروح كلام الله وصار كلام الله كأنه روح الأجساد الحروف والأصوات والكتابة وما أحسن ما تفطن له بعض الشعراء حيث قال ... إن الكلام لفي الفؤاد وأنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا ... .
وقد أخبر عن المعنيين جميعا بقوله تعالى واسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور وبقوله تعالى وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ثم قال ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ألا تراهم كيف لما دخلوا على النبي A غشاوة في التحية بالنطق بلسانهم وأخبر الله عن كلامهم الموجود في بواطنهم بقوله تعالى وقولون في أنفسهم وبقوله تعالى بما نقول .
واعلم بعد ذلك كله أن المعتزلة إنما تلقوا إعتقادهم في كلام الله تعالى من العقل المحض والحشوية تلقوا إعتقادهم في كلام الله تعالى من ظاهر الشرع