الصفة تعلقا بلونه وحياته وموته وشبعه وريه وهي الصفة التي يفرق بها الإنسان حسا بين كونه قاطعا للمسافة سحبا وجذبا ودفعا وزجا وبين قطعه لها اختيارا وإيثارا وبحسب المشيئة إذا تحققت هذه الجملة فاعلم أن الشرع رتب على العبد مطالبات بأفعاله التي هي اكتسابه كما بيناه أمراوزجرا وندبا ولم يرتب هذه المطالبات في القسم الآخر والذي هو ملازم له لا بمحاولة منه ثم اجرى العادة وطرد السنة أنه متى حاول الفعل الذي هو اكتسابه واختاره اعطاه القدرة وخلق معها الفعل الذي حاوله ومتى آثر الترك وفعل الضد فعل له ذلك على حسب اختياره العادة جارية وسنة مطردة وأجرى التكليف والأمر والنهي على هذا النحو ولأجله حسن الامتنان بقوله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها واجرى التكليف كذلك فإذا تقرر هذا فاعلم إذن أن الذي كلف الله سبحانه العباد تكليفان .
أحدهما الإيمان بالقدر وصفته كما وصفه A في قوله وإن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك وتحقيق هذا الايمان أن يدفع عن نفسك لو وليت ولولا فلا تقول ليتني فعلت كذا إذ المقدور لا بد كائن وأمر الله على كل حال نافذ وكذا فلا تقول لو كان كذا لكان كذا فلا يكون إلا ما شاء الله وما قضاه وما قدره وأمضاه وكذا أيضا فلا تقول لولا كذا لكان كذا لأن أمر الله نافذ وقضاؤه وقدره ماضيان هذا كله فيما ليس عندك فيه من الله خبر فإنه سبحانه قدر الأشياء على جهتين مطلقة ومعلقة .
فالمطلقة كما أبدع الأشياء لا من شيء فقال لما شاء منها كن فكان .
والمعلقة كقوله تعالى ولولا رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لم