كَنَضَّبَ بالتّشديد . وفي المِصباح ويَنْصِبُ بالكسر أَيضاً وهو لغة . قال شيخُنا : وهو غريبٌ . وفي الأَساس : وغَدِيرٌ ناضِبٌ وعَيْنٌ مُنِّضَبةٌ : غارَ ماؤُهَا . ونَضَبَتْ عُيُونُ الطّائف . ثُمَّ إِنَّ تقييدَنَا في نَضَب بالشَّيْءِ لإِخراج الماءِ وإِن كان داخلاً في الشّيْءِ كما قيَّده غيرُ واحدِ من أَئمّة اللُّغَة فلا يلزم عليه ما قاله شيخُنَا من أَنّه يُؤخَذُ من مجموع كلاميه أَن نَضَب من الأَضداد يقال بمعنى سالَ وبمعنى غار وهو ظاهر . وفي الحديثِ : " ما نَضَبَ عنهُ البَحْرُ وهو حَيٌّ فماتَ فكُلُوهُ " أَي : نَزَحَ ماؤُه ونَشِفَ . وفي حديثِ الأَزْرقِ : " كُنّا على شاطئِ النَّهْرِ بالأَهْوَاز وقَد نَضَبَ عنه الماءُ " .
قال ابْنُ الأَثِيرِ : وقد يُستعارُ للمعاني ومنه حديثُ أَبِي بكْرٍ : نَضَبَ عُمْرُهُ وضَحَا ظِلُّهُ " أَي : نَفِذ عُمْرُه وانقضى وهو مراد المؤلِّف من قوله : ونَضَبَ فُلانٌ : ماتَ فهو إِذاً مجازٌ ولا يُلتفَت إِلى قول شيخِنا : إِنَّ أَكثَرَ الأَئمّة أَغْفَل ذِكْرَه . نَضَبَ الخِصْبُ : إِذا قَلَّ أَو : انقطَع . نَضَبَت الدَّبَرَةُ : اشتَدَّتْ . ومن المَجَاز : نَضَبَ الدَّبَرُ : اشْتَدَّ أَثَرُهُ في الظَّهْر وغاب فيه . نَضَبَت المفَازَةُ نُضُوباً : بَعُدتْ . ومن المجاز : خَرْقٌ ناضِبٌ : أَي بَعيدٌ . نَضَبَت عَيْنْنُهُ تَنْضُب نُضُوباً : غارَتْ أَو هو خاصٌّ بعيْنِ النّاقةِ وأَنشد ثعلب : .
مِن المُنْطِيات المَوْكِبَ المَعْجَ بَعْدَمَا ... يُرَى في فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ نُضُوبُ عن أَبي عَمْرٍو : أَنْضَبَ القَوْسَ جَذَب وَتَرَها لِتُصَوِّتَ كأَنْبَضَهَا لغةٌ فيه . قالَ العجّاجُ .
" تُرِنُّ إرْناناً إِذ ما أَنْضَبا هو إِذا مَدَّ الوتَرَ ثُمَّ أَرسلَه . وقيل : أَنْضَبَ القَوْسَ : إِذا جَذَب وتَرَهَا بغير سَهْمٍ ثُمَّ أَرسلَه . وفي لسان العرب : قال أَبو حنيفةَ أَنْضَبَ قَوْسَهُ إِنْضَاباً : أَصَاتَها مقلوبٌ . قال أَبو الحسن : إِنْ كانت أَنضَبتْ مقلوبةً فلا مصدر لها لأَنّ الأَفعال المقلوبةَ ليست لها مصادرُ لعِلَّة قد ذكَرها النَّحْوِيُّون : سِيبَوَيْه وأَبُو عليٍّ وسائرُ الحُذّاق وإِن كان أَنضَبتْ لغةً في : أَنبضَتْ فالمصدرُ فيه سائغٌ حَسَنٌ . فأَما أَن يكونَ مقلوباً ذا مصدر كما زَعَمَ أبو حنِيفَةَ فمُحالٌ . وصرَّحَ بالقَلْب أَيضاً الجَوْهَرِيُّ وأَبو منصورٍ . قال شيخُنا : قلتُ : كأَنّه يُشيرُ إِلى أَنّ القلْب الَّذِي ذكره الجَوْهَرِيُّ إِنّما يَصِحُّ إِذا كانَ أَنبْض فِعْلاً ليس له مصدر ؛ لأَنّ شرطَ المقلوب من لفظِ أَن لا يَتصرَّفَ تَصرُّفَه . أَما إِذا كان له مصدرٌ فلا قَلْبَ بل كُلُّ كلمةٍ مستقِلَّة بنفْسِهَا ليست مقلوبةً من غيرها كما هو رأْيُ أَئمّةِ الصَّرف وعلماءِ العربيّة : سِيبَوَيْهِ وغيرهِ . ونقله الشُّيوخُ : ابْنُ مالِكٍ وأَبو حيَّانَ وابْنُ هِشامٍ وغيرُهُم . أَما قَلْب ووجودُُ مصدرٍ فلا يُلْتَفَتُ لقائله ولو زعمهُ أبو حنيفةَ الدِّينَوَرِيُّ لأِنّه إِمامٌ في معروفِة أَنواعِ النَّبَات ونَقْلَ الكَلام ولا معرفةَ له بأُصُولِ العَربِيّة والصَّرْف ولا إِلماَم . انتهى . والتَّنْضبُ : ظاهرُ إِطلاقِه أَنّ الضّادَ مفتوحةٌ لأِنّها عندَ أَئمّة الصّرف تابِعةٌ لأَوَّل الكلمة ولا قائلَ به بل هي بفتح التّاءِ وضَمّ الضّاد . وهو شَجَرٌ حِجازِيٌّ وليس بنَجْدِ منه شْيءٌ إِلاّ جِزْعَةً واحدةً بطَرَفِ ذقَانِ عند التُّقَيَّدَة وهو يَنْبُتُ ضخْماً على هيْئَة ِالسَّرْح وعِيدانُه ُبِيضٌ ضَخْمَةٌ وهو مُحْتَظَر وورَقُهُ مُتَقَبِّضٌ ولا تراه إِلاَّ كأَنَّهُ يابسٌ مُغْبَرٌّ وإِنْ كان نابِتاً وشَوْكُهُ كَشَوْكِ العَوْسَجِ وله جَنٍي مثلُ العِنَبِ الصِّغار يُؤْكَلُ وهو أُحَيْمرٌ قال أَبو حنيفَةَ : دُخَانُ التَّنْضُبِ ابيضُ مثل لَوْنِ الغُبارَ ولذلك شَبَّهتِ الشُّعراءُ الغُبارَ به قال عُقَيْلُ بْنُ عُلَّقَةَ المُرِّيُّ .
وهلْ أَشْهَدَنْ خَيْلاً كَأَنَّ غُبَارَها ... بِأَسْفَلِ عِلْكَدٍّ دواخنُ تَنْضُبِ