كَذَبْتُ عَلَيْكَ : لا تَزالُ تَقُوفُنِي ... كما قافَ آثَارَ الوَسِيقَةِ قائِفُ معناه : عليكَ بي وهي مُغْرًي بها واتَّصلت بالفعل لأِنَّه لو تأَخّر الفاعلُ لَكَانَ منفصلاً . وليس هذا من مواضع انفصاله . قلتُ : وهذا قولُ الأَصعميّ : كما نقله أَبو عُبَيْد قال : إِنّما أَغراه بنَفْسهِ أَيْ عليكَ بي فجعل نَفْسَهُ في موضع رَفْعٍ أَلا تراهُ قد جاءَ بالتَّاءِ فجعَلَها اسْمَهُ . وقال أََبو سَعِيدٍ الضَّرِيرٌ في هذا الشِّعر : أَي ظَنَنْتُ بك أَنّك لا تنامُ عن وِتْرِي فَكَذَبْتُ عَلَيْك . قال شيخُنا : قلت : والصَّحيحُ جوازُ النَّصْبِ لِنَقْلِ العُلَمَاءِ أَنَّهُ لُغَةُ مُضَرَ والرَّفْعُ لُغَةُ اليَمَن ووجهُه مع الرَّفْعِ أَنّه من قَبِيلِ ما جاءَ من أَلفاظِ الخَبَر الَّتي بمعنى الإِغْرَاءِ كما قال ابْنُ الشَّجَرِيّ في أَمالِيه : " تُؤْمِنُون بالله " أَي آمِنُوا باللهِ ورحِمَهُ الُله : أَي اللّهُمَّ ارْحَمْهُ وحَسْبُكَ : زَيْدٌ : أَي اكْتَفِ به ؛ ووجهُهُ مع النَّصْبِ من باب سِرايَةِالمعنى إِلى اللَّفْظ فإِنَّ المُغْرَى به لَمّا كان مفعولاً في المعنى اتصلتْ به علامةُ النَّصب ليُطَابِقَ اللّفظُ المعنى . انتهى .
وفي لسان العرب بعدَ ما ذكَرَ قولَ عَنْتَرَةَ السّابقَ : أَي يقولُ لها : عليكِ : بأَكْلِ العَتِيقِ وهو التَّمْرُ اليابسُ وشُربِ الماءِ البارِدِ ولا تَتَعَرَّضيِ لغِبُوقِ اللَّبَنِ شُرْبُه عَشيّاً ؛ لأَنّ اللّبَنَ خَصَصْتُ به مُهْرِي الّذي أَنْتفع به ويُسَلِّمُني وإِيّاكِ . وفي حَدِيث عُمَرَ : أَنَّ عَمْرَو بنْ مَعْدِ يكربَ شَكَا إِليه النِّقْرِسَ فقال : " كَذَبتْكَ الظَّهَائِرُ أَي : عليكَ بالمشْي في الظَّهائر وهي جمعُ ظَهيرَة وهي شدة الحَرّ وفي رواية " كذبَ علي : الظواهرُ " جمع ظاهِرَةٍ وهي ما ظَهَرَ من الأَرض وارتفع . وفي حديث له آخرَ : " أَنّ عَمْرَو بْنَ مَعْدِ يكرِبَ اشْتكَى إِليه المَعَصَ فقال : " كَذَبَ عليكَ العَسَلُ " يريد : العَسَلانَ وهو مَشْيُ الذِّئبِ أَي : علي : بسُرْعة المَشْي . والمَعَصُ بالعين المهملة : الْتِواءٌ في عَصَب الرِّجْل . ومنه حديثُ علىٍّ : " كَذَبَتْكَ الحارِقَةُ " أَي : عليك بمثلها والحارِقَةُ : المرأَة التي تَغْلبُهَا شهوتُها وقيل : هي الضَّيِّقةُ الفَرْجِ قلتُ : وقرأْتُ في كتاب استدراك الغَلَط لأَبِي عُبَيْدٍ القاسمٍ بْنِ سَلاَّمٍ قولَ مُعَقِّرِ بْنِ حِمَارٍ البارِقيّ : .
وذُبْيَانيَّة أًوْصَتْ بَيِنها ... بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُرُوفُ أَي : علَيكم بها . والقَراطِف أَكْسِيَةٌ حُمْرٌ والقُروفُ : أَوْعِيَةٌ من جِلْد مدبوغٍ بالقِرْفَة بالكسر وهي قُشُورُ الرُمَّانِ فهي أَمَرَتْهُم أَن يُكْثِرُوا من نَهْبِ هذَيْنِ الشَّيئَينِ والإِكثارِ من أَخْذِهما إِنْ ظَفِرُواببني نَمِرٍ وذلك لحاجتهم وقلِّةِ مالهم . قلتُ : وعلى هذا فَسَّرُوا حديث : " كَذَبَ النَّسّابُون " أَي : وجب الرُّجوعُ إِلى قولهم . وقد أَوْدَعْنَا بيانَه في " القَول النفيس في نَسبِ مولاي إِدريس " . وفي لسان العرب عن ابْنِ السِّكّيتِ . تقول للرَّجُل إذا أَمَرَتْهُ بشْيءٍ وأَغْرَيْتَهُ : كَذَبَ عليك كَذا وكَذا أي : عليك : به وهي كَلِمَةٌ نادِرة . قالَ : وأَنشد ابْنُ الأَعْرابِيّ لخِداشِ بْنَ زُهَيْرٍ : .
" كَذَبْتُ عَلَيْكُم أَوْعدُونِي وعَلِّلُوابِيَ الأرْضَ والأَقْوَامَ قِرْدَانَ َمْوظَبَاً