زَمَرَ يَزْمُر بالضَّمّ لُغَة حكاها أَبو زَيْد ويَزْمِرُ بالكسر زَمْراً بالفَتْح وزَمِيراً كأَمِير وزَمَرَاناً مُحَرَّكةً عن ابنُ سِيدَه وَزمَّرَ تَزْمِيراً : غَنَّى في القَصَبِ ونَفَخَ فيه وهي زامِرَةٌ ولا يقال زَمَّارةٌ وهو زَمَّارٌ ولا يُقَالُ زامِرٌ وقد جاءَ عن الأَصْمَعِيّ لكِنَّه قَلِيل . ولمَّا كان تَصْرِيفُ هذه الكَلِمَة وَارِداً على خِلاف الأصْل خَالفَ قاعِدَتَه في تقديم المُؤَنَّث على المُذَكَّر قاله شَيخُنا . قال الأَصمَعِيّ يقال لِلَّذِي يُغَنِّي : الزَّامر والزَّمَّار . وفِعْلُهُمَا أَي زَمَر وزَمَّر الزِّمَارَة بالكَسْر على القِياس كالكِتَابةَ والخِيَاطَة ونَحْوِهما . ومن المَجَاز في حديث أبِي مُوسَى الأشْعَرِيّ " سَمِعه النبي A يقرأ فقال : " لقد أُعطِيتَ مِزْماراً من مَزامِيرِ آلِ دَاوودَ " شَبَّهَ حُسْنَ صَوْتِه وحَلاوةَ نَغْمته بصَوْتِ المِزْمَار . ومَزامِيرُ دَاوودَ عَليه السلام : ما كان يَتَغَنَّى به من الزَّبُورِ وإليه المُنْتَهَى في حُسْنِ الصَّوْتِ بالقراءَة . والآلُ في قوله : " آل داوود " مُقْحَمة قيل : مَعْنَاه ها هنا الشَّخْص . وقيل : مَزامِيرُ داَوودَ : ضُرُوبُ الدُّعَاءِ جمْعُ مِزْمارٍ ومَزْمُورٍ الأخيرة عن كرُاع ونظيره مَعْلُوق ومَغْرُود . وفي حَدِيث أبي بكر Bه " أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ في بَيْتِ رسول الله " وفي رواية : " مِزْمَارَة الشَّيْطَانِ عند النبي A " . قال ابن الأثِير : المَزُمْور بفتح الميم وضَمِّها والمِزْمارُ سواءٌ وهو الآلةُ التي يُزْمَرُ بها . والزَّمَّارَةُ كجَبَّانَةٍ : ما يُزْمَرُ به وهي القَصَبَة كما يُقَالُ للأَرضِ التي يُزْرَعِ فيها زَرَّاعَة كالمِزْمَار بالكَسْر . ومن المَجَاز : الزَّمَّارة : السَّاجُورُ الذي يُجْعَل في عُنقِ الكَلْب . قال الزَّمَخْشَرِىّ : واستُعِير للجَامِعَة . وكتبَ الحَجَّاج إلى بَعض عُمَّاله أَن ابْعث إليَّ فُلاناً مُسمَّعاً مُزَمَّراً أَي مُقَيَّداً مُسَوْجَراً وأنشد ثعلب : .
وليِ مُسْمِعانِ وزَمَّارةٌ ... وظِلٌّ مَدِيدٌ وحِصْنٌ أمَقّ فسَّرَه فقال : الزَّمَّارة : السَّاجور . والمُسْمِعَانِ : القَيْدَان يَعنِي قَيْدَيْن وغُلَّيْنِ . والحِصْن : السِّجْن وكلّ ذلك على التَّشبيه . وهذا البَيْتُ لبعض المُحَبَّسِينَ كان مَحْبُوساً . فمُسْمِعَاه قَيْدَاه لصَوْتِا إِذَا مشَى . وزَمَّارَتُه السَّاجْور والظل والحِصْن : السِّجن وظُلْمته : وفي حديث سَعِيد بن جُبَيْر " أَنه أُتِيَ به الحَجَّاجُ وفي عُنقه زَمَّارةٌ " أَي الغُلّ . والزَّمَّارةِ : الزَّانِيَةُ عن ثَعْلَب . قال : لأنَّها تُشِيعُ أمْرَها . وفي حديث أبي هُرَيْرَةَ " أَنَّ النبي A نَهَى عن كَسْب الزَّمّارةُ . قال أبُو عَُيْد قال الحَجَّاج : الزَّمّارةُ : الزَّانِيَةُ . قال : وقال غيره : إنَّما هي الرَّمَّازة بتَقْدِيم الرَّاءِ على الزَّاي من الرَّمْزِ وهي التي تُومِئُ بشَفَتَيْهَا وبِعَيْنَيها وحاجِبَيْهَا والزَّوانِي يَفْعَلْن ذلك والأوَّلُ الوَجْهُ . وقال أبو عُبَيْد : هي الزَّمَّارة كما جاءَ في الحَدِيث . قال الأَزْهَرِيّ : واعترض القُتَيْبِيُّ على أبي عُبَيْد في قوله : هي الزَّمَّارة كما جاءَ في الحَدِيث فقال : الصَّواب الرَّمَّازَة لأنَّ من شَأْنِ البَغِيّ أَن تُومِضَ بعَيْنها وحاجِبِها وأنشد : .
يُومِضْن بالأعَيُنِ والحَوَاجِبِ ... إيماضَ بَرْقٍ في عَمَاءٍ ناصِبِ قال الأَزْهَرِيّ : وقوله أبي عبيد عندي الصوابُ . وسُئلِ أبو العبّاس أحمد بن يحيى عن مَعْنَى