وفي اللِّسَان : الجَبْرُ تَثْبِيتُ وُقُوعِ القَضَاءِ والقَدَرِ والإجبارُ في الحُكْمِ يقال : أجْبَرَ القاضِي الرجلَ على الحُكْمِ إذا أكْرَهَه عليه . وقال أبو الهَيْثَم : والجَبْرِيَّةُ : الذين يقولُون أجْبَرَ اللهُ العِبَادَ على الذُّنُوب أي أكْرَهَهُم ومَعَاذَ الله أن يُكْرِهَ أحداً على مَعْصِيَة . وقال بعضُهم : غن التَّسْكِينَ لَحْنٌ فيه والتَّحْرِيكَ هو الصَّوابُ أو هو أي التَّسْكِينُ للجَبْر قال شيخُنَا : وهو الظّاهِرُ الجارِي على القِيَاس . وقالوا في التَّحْرِيك : إنه للازْدِواج أي لمناسبة ذِكْرِه مع القَدَرِيَّة وقد تقدَّم أنها مُوَلَّدة .
وفي الفَصِيح : قومٌ جَبْرَّيةٌ بسكونِ الباءِ أي خِلافُ القَدَرِيَّة وقال الحافظُ في التَّبصير : وهو طَريقُ متَكِّلمِي الشافعية . وفي البصائر : وهذا في قول المتقدِّمين وأما في عُرْف المتكلِّمين فيقال لهم : المُجبرَة وقال : وقد يُستعمَل الجَبر في القَهر المجرَّد نحو قوله صلّى الله عليه وسلم : " لا جَبر ولا تَفويض " . والجَبّار هو الله عزَّ اسْمُه وتعالَى وتَقَدَّسَ القاهر خَلْقه على ما أراد من أمْرٍ ونهيٍ . وقال ابن الأنباريّ : الجبّار في صفة الله عزّ وجلّ : الذي لا يُنال ومنه جَبّارُ النَّخلِ . قال الفَرّاءُ : لم أَسمع فَعّالاً من أفْعلَ إلاّ في حرفَين وهو جَبّارٌ من أَجْبرتُ ودَرَّاكٌ من أدْرَكتُ .
قال الأزهريُّ : جَعلَ جَبّارً في صِفة الله تعالَى أو صفة العبَاد من الإجبار وهو القَهْر والإكراه لا من جَبَرَ . وقيل : الجَبَّار : العالي فَوقَ خَلْقِه ويجوزُ أن يكونَ الجَبّار في صِفَة الله تعالَى من جَبْره الفَقْرَ بالغِنَي وهو تَباركَ وتعالَى جابِرُ كُلِّ كَسيرِ وفَقيرِ وهو جابرُ دِينه الذي ارتَضاه كما قال العجّاج : .
" قد جَبَر الدِّينَ الإلهُ فَجَبَرْ . وفي حديث عليٍّ كرَّم اللهُ وَجهَه : " وجَبّار القُلوبِ على فِطَرَاتها " هو من جَبْر العَظم المكسور كأَنه أقام القُلوبَ وأثْبتَها على ما فَطَرَها عليه من معرفِته والإقرارِ به شَقِيَّها وسِعيدَها .
قال القُتَيْبِيُّ : لم أجعلْه من أجْبَرت لأنّ أفْعلَ لا يقَال فيه فعّال . وقيل : سُمِّيَ الجبَّارَ لتكَبُّرِه وعُلوِّه . الجَبَّار في صِفَةِ الخَلقِ : كلُّ عاتٍ متَمرِّدٍ . ومنه قولهم : وَيْلٌ لجَبّارِ الأرْضِ من جَبّارِ السَّماءِ وبه فَسَّرَ بعضُهم الحديثَ في ذِكر النّارِ : " حتى يَضَع الجَبَّارُ فيها قَدَمَه " . ويَشْهد له قولُه في حديثٍ آخر : " إنَّ النارَ قالت : وُكِّلْت بثلاثة : بِمَن جَعَل مع اللهِ إلهاً آخَرَ وبكلِّ جَبّار عَنِيد والمصَوِّرِين " . وقال اللِّحْيَانِيُّ : الجَبّار : المتكبِّر عن عبادةِ اللهِ تعالى ومنه قولُه : " ولم يَكُنْ جبّاراً عَصِياً " وفي الحديث : " أنّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حَضَرَتْه امرأَةٌ فأَمَرهَا بأَمْرٍ فتأَبَّتْ فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : دَعُوهَا فإنهَا جَبّارَةٌ " أي عاتِيَةٌ متكبِّرةٌ . كالجِبِّيرِ كسِكِّيتٍ وهو الشَّدِيدُ التَّجبُّرِ .
الجَبّارُ : اسمُ الجَوْزاءِ وهو مَجازٌ يقال : طَلَعَ الجَبّارُ لأَنها بصورةِ مَلِكٍ مُتَوَّجٍ على كُرْسِيٍّ . كذا في الأَساس .
مِن المَجاز : قَلْبٌ جَبّارٌ لا تَدخلُه الرِّحْمَةُ وذلك إذا كان ذا كِبْرٍ لا يَقْبلُ مَوعظةً .
الجَبّار : القَتَّالُ في غير حَقٍّ . وفي التَّنْزِيل العزيز : " وإذا بَطَشْتُم بَطَشْتُم جَبَّارِينَ " . وكذلك قولُ الرجلِ لموسى عليه السّلامُ في التَّنْزِيلِ العَزِيز : " إنْ تُرِيدُ إلاّ أَن تكونَ جَبّاراً في الأَرض " أي قَتّالاً في غير الحَقّ . وكلُّه راجعٌ إلى معنى التَّكَبُّر .
قال اللِّحْيَانيُّ : العَظِيمُ الطَّوِيلُ القَوِيُّ جَبّارٌ وبه فُسِّرَ قولُه تعالى : " إنّ فيها قَوْماً جَبّارِين " قال : أرادَ الطُّولَ والقُوَّة والعِظَمَ وهو مَجازٌ . وفي الأساس : وقد فُسِّرَ بعِظَامِ الأجِرَامِ . قال الأزهريُّ : كأنَّه ذَهَب غلى الجَبّار من النَّخِيل وهو الطَّوِيلُ الذي فاتَ يدَ المُتَنَاوِلِ . ويقال : رجلٌ جَبّارٌ إذا كان طويلاً عظيماً قَوِيَّاً تَشبيهاً بالجَبَّار من النَّخْل .
جَبّارُ بنُ الحَكَمِ السُّلميّ قيل : له وِفَادَةٌ : أَسْلَمَ وصَحِبَ ورَوَى قالَه ابن سَعْد