في حديث آخَرَ : " الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ " وهو أن يَجْعُلَ ما جَعَلَه اللهُ حَقّاً مِن توحِيدِه وعبادتِه باطلاً وقيل : هو أن يَتَجَبَّر عند الحقِّ فلا يَراه حقّاً وقيل : هو أَن يَتَكَبَّر عنه أي عن الحقِّ . وفي بعض الأصول من الحقّ فلا يَقْبلُه قلتُ : والحديثُ رَواه ابنُ مسعودٍ وقال بعضُهم : هو ألاَّ يَرَاه حقاً وَيَتَكَبَّر عن قَبُوله وهو مِن قولك : بَطِرَ فلانٌ هِدَايَةَ أمْرِه إذا لم يَهْتَدِ له وجَهِلَه ولم يَقْبَلْه وفي الأساس : ومن المجاز : بَطِرَ فلانٌ النِّعْمةَ اسْتَخَفَّها فكَفَرها ولم يَسْتَرْجِحْها فيَشْكُرَها ومنه قولُه تعالَى : " وكم أهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها " قال أبو إسحاق : نَصَبَ مَعِيشَتَها بإسقاط في وَعَمل الفِعْل وتأْويلُه : بَطِرَتْ في مَعيشَتِهَا . وقال بعضُهُم : بَطِرَتْ عَيْشَكَ ليس على التَّعَدِّي ولكنْ على قوله : ألِمْتَ بَطْنَكَ ورَشِدْتَ أَمْرَك وسَفِهْتَ نَفْسَكَ ونحوها مّما لفظُه لفظُ الفاعِلِ ومعناه معنَى المفعول قال الكسائيُّ : وأوْقَعَتِ العربُ هذه الأفعالَ على هذه المَعَارِفِ العربُ التي خَرجتْ مفسِّرَةً لتحويلِ الفِعْل عنها وهُو لها . وبطَره كنَصَرَهَ وضَرَبَه يَبْطُرُه ويَبْطِرُه بَطْراً فهو مبْطُورٌ وبَطِيرٌ : شَقَّه . والبَطِيرُ : المَشْقُوقُ كالمَبْطُورِ . البَطِيرُ : مُعَالِجُ الدَّوابِّ كالبَيْطَر كحَيْدَرٍ والبَيْطَارِ والبِيَطْرِ كَهِزَيْرٍ والمُبَيْطِرِ . ومِن أمثالهم : " أشْهَرُ من رايَةِ البَيْطَارِ " . " والدُّنيا قَحْبَةٌ يوماً عند عَطّارٍ ويوماً عند بَيْطَارٍ " وعَهْدِي بِه وهو لِدَوابِّنا مُبَيْطِرٌ فهو الآن علينا مُسَيْطِرٌ " وقال الطِّرِمّاح : .
يُساقِطُها تَتْرى بكلِّ خَمِيلَةٍ ... كبَزْغِ البِيَطْرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ . ويُرْوَى : البَطِير وقال النابغة : .
" شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَهاطَعْنَ المُبَيْطِرِ إذْ يَشْفِي مِن العَضَدِ . قال شيخُنا : والمُبَيْطِرُ مّما أَلْحَقُوه بالمُصَغَّرَاتِ وليس بمُصَغَّرٍ قال أئِمَّةُ الصَّرْفِ : هو كأَنَّه مُصَغَّرٌ وليس فيه تَصْغِيرٌ ومثلُه المُهَيْنِمُ والمُبَيْقِرُ والمُسَيْطِرُ والمُهَيْمِنُ فقولُ ابنُ التِّلِمْسَانِيِّ في حواشِي الشِّفَاءِ تَبَعاً : للعَزِيزِ : وليس في الكلام اسمٌ على مُفَيْعِلٍ غيرُ مُصَغَّرٍ إلا مُسَيْطِرٌ ومُبَيْطِرٌ . ومُهَيْمِنٌ . قُصُورٌ ظاهِرٌ بل رُبَّمَا يُبْدي الاستقراءُ غيرَ ما ذَكَرَ واللهُ أعلَمُ .
قلتُ : أَوْرَدَهم ابنُ دُرَيْدٍ في الجَمْهَرة هكذا وسيأْتي في ب ق ر . وصَنْعَتُه البَيْطَرَةُ وهو يُبَيْطِرُ الدَّوابَّ أي يُعَالِجُهَا . من المجاز : البِيَطْرُ كهِزَبْرٍ : الخَيّاطُ رَواه شَمِرٌ عن سَلَمَةَ قال الراجز : .
" شَقَّ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ . وفي التَّهْذِيب : .
باتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظّلامِ ... جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ . قال شَمِرٌ : صَيَّرَ البَيْطَارَ خَيَّاطاً كما صَيَّرُوا الرَّجُلَ الحاذِقَ إسْكَافاً .
البَيْطَرَةُ : بهاءٍ : ثلاثةُ مواضعَ بالمَغْرِب . والبِطْرِيرُ كخِنْزِيرٍ ويُروَى بالظّاء أيضاً وهو أعلَى : الصَّخّابُ الطَوِيلُ اللِّسَانِ هكذا ضَبَطَه أبو الدُّقَيْشِ بالطّاء المُهملَة .
البِطْرِيرُ : المُتَمَادِي في الغَيِّ وهي بهاءٍ وأكثرُ ما يُسْتَعْمَلُ في النِّسَاءِ قال أبو الدُّقَيْش : إذا بَطِرَتْ وتَمَادَتْ في الغَيِّ . بَطِرَ الرَّجلُ وبَهِتَ بمعنىً واحدٍ وذلك إذا دَهِشَ فلم يَدْرِ ما يُقَدِّمُ ولا يُؤَخِّرُ . وأبْطَرَهَ حِلْمَه : أَدْهَشَه وَبَهَتَه عنه . أبْطَرَه المالُ : جَعَلَه بَطِراً .
من المَجاز : أبْطَرَه ذَرْعَه أي حَمَّلَه فوقَ طاقَتِه . وفي الأساس : ولا تُبْطِرَنَّ صاحبَك ذَرْعَه أي لا تُقْلِق إمْكَانَه ولا تَسْتَفِزَّه بأَن تُكَلِّفَه غير المُطَاقِ . وذَرْعَه