ورُوِيَ عن أَبي سَعيد الضَّرِيرِ أَنه قال : صَلاَةُ المَغْرِب تُسمَّى شاهداً لاسْتِوَاءِ المُقِيمِ والمُسَافِرِ فيها وأَنَّهَأ لا تُقْصَر . قال أَبو منصور : والقَوْلُ الأَوّلُ لأَنَّ صلاَةَ الفَجْر لا تُقْصَرُ أَيضاً ويَسْتَوِي فيها الحاضِرُ والمسافِرُ فلم تُسَمَّ شاهِداً . والمَشْهُود : يَوْمُ الجُمُعَة أَو يومُ القِيَامَةِ أَو يَوْمُ عَرَفَةَ الأَخير قاله الفرّاءُ لأَنّ الناسَ يَشْهَدُون كُلاًّ منها ويَحضُرون بها ويجمَعُون فيها . وقال بعضُ المفسِّرين : الشاهد : يَوْمُ الجُمُعةِ والمشهود : يَوْمُ القيامةِ . والشَّهْدُ : العَسَلُ ما دام لم يُعْصَر من شَمَعِه بالفتح لتميم ويُضَمُّ لأَهْل العالِيَة كما في المصباح واحدته شَهْدة وشُهْدة . وقيل : الشُّهْدة أَخَصُّ ج : شِهَأدٌ بالكسر قال أُمَيَّةُ : .
إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاَءٍ ... لُبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ أَي من لُبابِ البُرّ . والشَّهْد : ماءٌ لبني المُصْطَلِقِ من خُزَاعَةَ نقله الصاغاني .
وفي التنزيل العزيز " شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إلاّ هُوَا " سَأَلَ المُنْذريّ أحمد بن يحيى عن معناه فقال : أَي عَلِم اللهُ وكذا كلُّ ما كانَ شَهِد اللهُ في الكتاب أَو قال اللهً قاله ابن الأعرابي . وقال ابن الأنباريّ : معناه بَيَّن اللهُ أَن لا إِله إلا هُوَ . وقال أبو عبيدة : معنى شَهِدَ اللهُ : قَضَى اللهُ وحقيقَتُه : عَلِمَ اللهُ وبَيَّنَ اللهُ لأَنَّ الشاهِدَ هو العالِمُ الذِي يُبَيِّنُ ما عَلِمَه فاللهُ قد دَلَّ على تَوحيدِهِ بجميع ما خَلَقَ فَبَيَّن أَنه لا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَن يُنْشِئَ شيئاً واحداً مِمَّا أَنشأَ وشَهَدت المَلاَئِكَةُ لما عاينَتْ من عَظيمِ قُدْرَتِه وشَهِد أُولو العِلْمِ بما ثَبَت عِنْدَهم وَتَبيَّن مِن خَلْقِه الذِي لا يَقْدِرُ عليه غيرهُ وقالأبو العَبَّاس : شَهِدَ اللهُ : بَيَّن اللهُ وأَظْهَرَ . وشَهِدَ الشاهِدُ عند الحاكِمِ أَي بَيَّن ما يَعْلَمُه وأَظْهَرَه . وفي قَولِ المؤذِّنِ : أَشْهَدُ أَن لا إِلهَ إلاّ اللهُ وأَشهَدُ أَنَّ محمداً رسولُ الله . قال أَبو بكر بن الأنباري : أي أَعْلَمُ أن لا إِلهَ إلا اللهُ وأُبَيِّنُ أَن لا إِلهَ إلاّ اللهُ . وأَشْهَدَهُ إِمْلاَكَه : أَحْضَرَهُ وأَشْهَدَ فُلانٌ : بَلَغَ عن ثَعْلَبَ . وأَشْهَدَ اشْقَرَّ واخضَرَّ مِئْزَرُه . وأَشْهَدَ : أَمْذَى كشَهَّدَ تَشْهِيداً وهذه عن الصاغانيّ إلا أَنه قال في تَفسيره : أَكْثَرَ مَذْيَه . والمَذْيُ عُسَيلةٌ . وعن أَيب عمرو : أَشْهَدَ الغُلامُ إذا أَمْدَى وأَدرَكَ وأَشْهَدَت الجاريةُ إذا حاضَتْ وأَدْركَتْ وأَنشد : .
" قامَتْ تُنَأجِي عامِراُ فأَشهَدا .
" فَدَاسَها لَيْلَتَهُ حَتَّى اغْتَدَى وعن الكسائي : أُشْهِدَ الرَّجلُ مجهولاً : قُتِلَ في سبيل اللهِ شَهِيداً كاستُشْهِدَ : رُزِقَ الشَّهَادَةَ فهو مُشْهَدٌ كمُكْرَمٍ وأَنشد : .
" أَنا أَقُولُ سأَمُوتُ مُشْهَدَا والمَشْهَد والمَشْهَدةُ والمَشْهُدَةُ بالفتح في الكلّ وضَمّ الهاء في الأَخير الأَخِيرَتَأن عن الفَرّاءِ في نوادره مَحْضَرُ الناس ومَجمَعُهم . ومَشَاهِدُ مكَّةَ : المواطِنُ التي يَجتمعون بها من هذا . وشُهُودُ النّاقَةِ بالضّمّ : آثَارُ مَوْضِعِ مَنْتِجها أَي المَوْضِع الذي أُنْتِجَت فيه من دَمٍ أَو سَلى وفي بعض النُّسخ : من سلًى أو دَمٍ . وكزُبَيْرٍ : الشيخ الزَّاهِدُ عُمَرُ هكذا في النُّسخ . و الصواب : عُمَيْر ابن سَعْدِ بنِ شُهَيْدِ بن عَمْرٍ أَميرُ حمصَ صاحبيٌّ وكان يقال له : نَسِيجُ وَحْدِه . وأُخته سَلاَّمةُ بنت سَعْد لها ذِكْر . وأَبو عامر أحمد بن عبدِ الملك ابنِ أحمدَ بنِ عبد المَلِك بن عمر ابن محمد بن عيسى بن شُهَيْدٍ الأَشْجَعِيّ الأَديبُ مؤلّف كتاب حانُوت العَطَّار . وُلِدَ بِقُرْطُبَة سنة 382 ووَرِث الرُّتْبَةَ والجَلالَةَ عن أَسْلافِه وتوفِّي سنة 436 ، وعلى رُخَامةِ قَبْرِه من شِعْرِهِ : .
يا صاحِبي قُمْ فقَد أَطَلْنا ... أَنَحْنُ طُولَ المَدَى هُجُودُ .
فقال لِي لنْ نقومَ منها ... ما دامَ مِن فَوقِنا الجَليدُ