ويَدعُو ببَرْدِ الماءِ وهو بَلاؤُه ... وإِنْ ما سَقَوْه الماءَ مَجَّ وغَرْغَرَا هذا يَصِف رجُلاً به الكَلَبُ . والكَلِبُ إِذا نَظَر إِلى الماءِ تَخيَّلَ له فيه ما يَكرَهه فلم يَشْرَبْه . ومَجَّ بريقِه يَمُجُّه : إِذا لَفَظَه . وقال شيخنا حقيقةُ المَجِّ هو طَرْحُ المائعِ من الفَمِ . فإِذا لم يكن ما في الفَمِ مائعاً قيل : لَفَظَ . وكثيراً ما يَقعُ في عِبارات المصنِّفين والأُدباءِ : هذا كَلامٌ تَمُجُّه الأَسماعُ . فقالوا : هو من قبيل الاستعارة فإِنه تَشبيهُ اللّفظِ بالماءِ لرِقّته والأُذنِ بالفَمِ لأَنّ كُلاًّ منهما حاسَّةٌ والمعنى : تَتْرُكُه . وجَوّزوا في الاستعارة أَنّها تَبَعيّة أَو مَكْنِيّة أَو تَخْييليّة... وقال جماعة : يُستعمل المَجّ بمعنى الإِلقاءِ في جميع المُدْرَكاتِ مَجازاً مُرْسلاً . ومنه حديث : " وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَ هذه الآيةَ فمَجَّ بها " أَي لم يَتَفكَّر فيها كما نقله البَيْضاوِيّ والزَّمخشريّ وعَدَّوْه بالباءِ لما فيه من معنى الرَّمْيِ . انتهى . " وانْمَجَّت نُقْطَةٌ من القَلَم : تَرَشَّشَتْ " . وفي الحديث " أَنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أَخذَ من الدَّلْوِ حُسْوةَ ماءٍ فمَجَّها في بِئْرٍ ففاضَت بالماءِ الرَّوَاءِ " . وقال شَمِرٌ : مَجّ الماءَ من الفَمِ : صَبَّه من فَمِه قَريباً أَو بيعداً وقد مَجَّه . وكذلك إِذا مَجَّ لُعابَه . وقيل : لا يكون مَجّاً حتى يُباعِدَ بِه . وفي حديثِ عُمَرَ Bه قال في المَضْمَضةِ للصَّائم : " لا يَمُجُّه ولكنْ يَشْرَبُه " فإِنّ أَوَّلَه خَيْرُه " أَراد المَضمضةَ عِند الإِفطارِ أَي لا يُلْقِيه مِن فِيه فيَذْهب خُلُوفُه . ومنه حديث أَنَسٍ : " فمَجَّه " في " فيه " . وفي حديث محمودِ بنِ الرَّبيع : " عَقَلْتُ مِن رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم مَجَّةً مَجَّها في بِئْرٍ لنا " . وفي حديثِ الحَسنِ Bه : " الأُذُن مَجّاجَةٌ ولِلنَّفٍ حَمْضةٌ " معناه أَنّ للنَّفْسِ شَهْوةً في استماعِ العِلْمِ والأُذُنُ لا تَعِي ما تَسْمَعُ ولكنها تُلْقِيه نِسْياناً كما يُمَجّ الشَّيْءُ من الفَمِ . " والمَاجُّ : مَنْ يَسِيلُ لُعَابُه كِبَراً وهَرَماً " كعَطْفِ التّفسير لما قَبْلَه . قال شيخنا ولو حذفَ كِبَراً لأَصابَ المَحَزّ . وفي الصّحاح : وشَيْخُ ماجٌّ : يَمُجّ رِيقَه ولا يَستطيع حَبْسَه من كِبَرِه . المَاجُّ : " النّاقةُ الكَبيرةُ " الّتي من كِبَرِها تَمُجّ المَاءَ من حَلْقِها . وقال ابن سيده : والمَاجُّ من النَّاسِ والإِبلِ : الّذي لا يَستطيع أَن يُمسِكَ رِيقَه من الكِبَر . والمَاجُّ : الأَحمقُ الّذي يَسيلُ لُعابه . قلتُ : وهذا مَجازٌ . يقال : أَحمَقُ مَاجٌّ . وقيل : هو الأَحمَقُ مع الهَرَمِ . وجمعُ الماجِّ من الإِبل مَجَجَةٌ . وجَمْعُ الماجّ من النّاس مَاجّونَ ؛ كِلاهما عن ابن الأَعرابيّ . والأُنثى منهما بالهاءِ . والمَاجُّ : البَعيرُ الّذي قد أَسَنَّ وسالَ لُعابُه . قُلْت : وجمعُ الماجِّ من النّاس أَيضاً المُجّاجُ بالضّمّ والتّشديد لما في الحديث : " أَنّه رَأَى في الكَعبةِ صُورَةَ إِبراهيمَ فقال : مُرُوا المُجَّاجَ يُمَجْمِجون عليه " : وهو جَمْعُ ماجٍّ وهو الرَّجُلُ الهَرِم الّذي يَمُجّ رِيقَه ولا يَستطيع حَبْسَه . المُجَاجُ " كغُرَبٍ : الرِّيقُ تَرْمِيه مِن فِيكَ . و " المُجَاجَة : الرِّيقَةُ . في الحديث : " أَنّ النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يأْكُلُ القِثّاءَ بالمُجَاجِ : " وهو " العَسَلُ " لأَنّ النَّحْلَ تَمُجّه وحَمَلَه كثيرونَ على أَنه مَجاز . " وقد يُقال له " لأَجلِ ذلك : " مُجَاجُ النَّحْلِ " وقد مَجَّتْهُ تَمُجُّه . قال : .
ولا ما تَمُجّ النَّحْلُ مِن مُتَمنِّعٍ ... فقَدْ ذُقْتُه مُسْتَطْرَفاً وصَفَا لِيَا ويقال له أَيضاً : مُجَاجُ الدَّبَى . قال الشّاعر : .
وماءٌ قَدِيمٌ عَهْدُه وكأَنّه ... مُجَاجُ الدَّبَى لاقَتْ بِهاجِرَةٍ دَبَى من المَجاز : مَزَجَ الشَّرابَ بمُجَاجِ المُزْنِ . " مُجَاجُ المُزْنِ : المَطَرُ . عن ابنِ سيده : " خَبَزَ مُجَاجاً " هكذا بالضّمّ : " أَي خَبَزَ الذُّرَةَ " عن الخَطّابيّ وقد وُجِدَ ذلك في بعض نُسَخ المَتْن . المَجَاجُ " بالفتح : العُرْجُونُ " قاله الرِّياشيّ وأَنشد :