- من سنن العرب الإضمار إيثارا للتخفيف وثقة بفهم المُخاطب فمن ذلك إضمار ( أنَّ ) وحذفها من مكانها كما قال تعالى : " ومن آياتهِ يُريكُمُ البَرْقَ خوفاً وطَمَعاً " : أي أن يريكم البرق وقال طَرَفة : .
ألا أيُّهذا الزجري أحضُرَ الوَغى ... وأن أشْهَدَ اللذاتِ هل أنتَ مُخلِدي .
فأضمرَ ( أنَّ ) أولا ثمَّ أظهرها ثانيا في بيت واحد وتقديره : ألا أيهذا الزاجري أن أحضُرَ الوغى . وفي ذلك يقول بعض أدباء الشعراء : .
تَفَكَّرت في النَّحوِ حتى مَلِلْتْ ... وأَتْعَبْتُ نَفْسي لَهُ والبَدَنْ .
فَكنت بِظاهِرِهِ عالماً ... وكنت بباطنه ذا فِطَنْ .
خلا أنَّ باباً عليهِ العَفا ... ءُ في النَّحوِ يا ليتهُ لمْ يَكُنْ .
إذا قُلتُ لِمْ قيلَ لي هكذا ... على النَّصبِ ؟ قيلَ بإضمارِ أنْ .
ومن ذلك إضمار ( مَنْ ) كقوله عزَّ وجَلَّ : " وما مِنَّا إلا لَهُ مَقامٌ مَعلوم " أي إلا من له .
ومن ذلك إضمار ( مِنْ ) كما قال تعالى : " واختار موسى قَومَهُ سَبعينَ رَجُلا لِميقاتِنا " أي من قومه .
ومن ذلك إضمار ( إلى ) كما قال جلَّ جلاله : " سَنُعيدُها سيرَتها الأولى " أي إلى سيرتها الأولى .
ومن ذلك إضمار الفعل كما قال الله عزَّ وجلَّ : " فقلنا اضرِبوهُ ببَعضِها كذلكَ يُحيي الله الموتى " وتقديره : فضُرِبَ فيُحيي كذلك يُحيي الله الموتى . ومثله : " وإذ استَسقى موسى لِقومه فقلنا اضرِب بِعَصاكَ الحَجَرَ فانفَجَرَت مِنهُ اثنتا عَشَرَةَ عيناً " وتقديره : فضرب فانفَجَرَت . ومثله : " فمن كان مريضاً أو بِهِ أذىً مِنْ رأسِهِ فَفِديَةٌ مِنْ صيامٍ أو صَدَقةٍ أو نُسُكٍ " وتقديره : فَحَلَقَ ففديَة .
ومن ذلك إضمار ( القول ) كما قال سبحانه : " وأما الذين اسوَدَّت وُجوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ " ؟ في ضمنه ( قيقال لهم : أكفرتم ) لأن ( أمَّا ) لا بدَّ لها في الخبر من فاء فلمّا أضمر القول أضمر الفاء ومثله : " وتَتَلَقَّاهُمُ الملائِكَةُ هذا يَوْمُكُمْ " . أي يقولون : هذا يومكم . وقال الشنفرى : .
فلا تدفنوني إنَّ دَفني مُحَرَّمٌ ... عليكُمْ ولكنْ خامري أمَّ عامِرِ