فصل من أولها .
كتابي وأنا مترجح بين طمع فيك ويأس منك وإقبال عليك وإعراض عنك فإنك تدل بسابق حرمة وتمت بسالف خدمة أيسرهما يوجب رعاية ويقتضي محافظة وعناية ثم تشفعهما بحادث غلول وخيانة وتتبعهما بآنف خلاف ومعصية .
وأدنى ذلك يحبط أعمالك ويمحق كل ما يرعى لك لا جرم أني وقفت بين ميل إليك وميل عليك أقدم رجلا لصدمك .
وأؤخر أخرى عن قصدك وأبسط يدا لإصطلامك وإجتياحك وأنثي ثانية لإستبقائك واستصلاحك وأتوقف عن امتثال بعض المأمور فيك ضنا بالنعمة عندك ومنافسة في الصنيعة لديك وتأميلا لفيئتك وإنصرافك ورجاء لمراجعتك وإنعطافك فقد يغرب العقل ثم يؤوب ويعزب اللب ثم يثوب ويذهب الحزم ثم يعود ويفسد العزم ثم يصلح ويضاع الرأي ثم يستدرك ويسكر المرء ثم يصحو ويكدر الماء ثم يصفو وكل ضيقة إلى رخاء وكل غمرة فإلى انجلاء .
وكما أنك أتيت من إساءتك بما لم تحتسبه أولياؤك فلا بدع أن تأتي من إحسانك .
بما لا ترتقبه أعداؤك وكم استمرت بك الغفلة حتى ركبت ما ركبت واخترت ما اخترت .
فلا عجب أن تنتبه انتباهة تبصر فيها قبح ما صنعت وسوء ما آثرت وسأقيم على رسمي في الإبقاء والمماطلة ما صلح وعلى الإستيناء والمطاولة ما أمكن طمعا في إنابتك وتحكميا لحسن الظن بك فلست أعدم فيما أظاهره من أعذار وأرادفه من إنذار احتجاجا عليك