الخليل عليه السلام ( واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) وأولى الناس باقتناء ذخائر الحمد وافتراض فرض الشكر من عرض الله تعالى جاهه وطول يده وأمضى عند السلطان لسانه فينبغي أن يختار هذه المكرمة ويقوم بالنصيب الأوفر منها ولا يبخل بجاهه ولا ماله على قاصد ولا مؤمل ولا ذي رحم وذمام ولا يضجع في أمر بطانته وحاشيته وأصحابه ولا يضيق عليهم مع سعته ولا يقصر بهم في كفايته ويجعل اكتسابها بجاهه وماله دون أموال سلطانه فإن كثيرا من المتصرفين بذلوا ما اؤتمنوا عليه في هذا الغرض ورضوا به أهل الشفاعات والرسائل فأعقبهم ذلك زوال النعم وسقوط الرتبة وذهاب المال والوسم بميسم الخيانة والبوار إلى الأبد ولا يبالغ في ابتناء المعالي واقتناء المحامد وبذل الرغائب وارتفاع الهمم فإن ذلك مما يختص بالملوك ولا ينبغي لأحد من أتباعهم من كاتب ولا غيره الإقدام عليه مفاخرا ولا مكاثرا ولا مقابسا فيكون قد عدا طوره وأضل رشده وتعرض للعطب مع سلطانه وأوجد الطريق إلى سوء الظن به وفوق سهام الحسدة إليه وأطلق ألسنتها بالطعن عليه وربما أدى به ذلك إلى سقوط المنزلة أن سلمت نفسه .
ومنها الاقتصاد في طلب اللذة والاقتصار من ذلك على ما يقيم المروءة من أفضل الأخلاق وأشرفها بأن يكون تناولهم ما يتناولونه من ذلك بسلوك طريقة محمودة يظهر فيها أثر التدبير السديد والرأي الأصيل من غير خروج إلى الإقبال على اللذات والانهماك في الشهوات فإن ذلك غير مستحسن لملك ولا سوقة لأنه جالب للأسقام قاطع عن الأمور المهمة التي يجب صرف العناية إليها في صلاح المعاش وأمر الآخرة ولكن لا يكلف ترك