( لا يصلح النفس إذ كانت مدبرة ... إلا التنقل من حال إلى حال ) .
فبرزنا وشمس الأصيل تجود بنفسها وتسير من الأفق الغربي إلى موضع رمسها وتغازل عيون النور بمقلة أرمد وتنظر إلى صفحات الورد نظر المريض إلى وجوه العود فكأنها كئيب أضحى من الفراق على فرق أو عليل يقضي بين صحبه بقايا مدة الرمق وقد اخضلت عيون النور لوداعها وهم الروض بخلع حلته المموهة بذهب شعاعها .
( والطل في أعين النوار تحسبه ... دمعا تحير لم يرقأ ولم يكف ) .
( كلؤلؤ ظل عطف الغصن متشحا ... بعقده وتبدى منه في شنف ) .
( يضم من سندس الأوراق في صرر ... خضر ويجنى من الأزهار في صدف ) .
( والشمس في طفل الإمساء تنظر من ... طرف غدا وهو من خوف الفراق خفي ) .
( كعاشق سار عن أحبابه وهفا ... به الهوى فتراآهم على شرف ) .
إلى أن نضى المغرب عن الأفق حلي قلائدها وعوضه عنها من النجوم بخدمها وولائدها فلبثنا بعد أداء الفرض لبث الأهلة ومنعنا جفوننا أن ترد النوم إلا تحلة ونهضنا وبرد الليل موشع وعقده مرصع وإكليله مجوهر وأديمه معنبر وبدره في خدر سراره مستكن وفجره في حشا مطالعه مستجن كأن امتزج لونه بشفق الكواكب خليطا مسك وصندل وكأن ثرياه لامتداده معلقة بأمراس كتان إلى صم جندل .
( ولاحت نجوم الليل زهرا كأنها ... عقود على خود من الزنج تنظم ) .
( محلقة في الجو تحسب أنها ... طيور على نهر المجرة حوم )