وهذه الرتبة التي جعل الله إليها منتهى القضايا وإنهاء الشكايا ولا يكون صاحبها إلا من العلماء الذين هم ورثة الأنبياء ومتولي الأحكام الشرعية بها كما ورث عن نبي الله علمه كذلك ورث حكمه وقد أصبح بيده زمام الأحكام وفصل القضاة الذي يعرض بعضه بعده على غيره من الحكام وما منهم إلا من ينقد نقد الصيرفي وينفذ حكمه نفاذ المشرفي فليترو في أحكامه قبل إمضائها وفي المحاكمات إليه قبل فصل قضائها وليراجع الأمر مرة بعد مرة حتى يزول عنه الالتباس ويعاود فيه بعد التأمل كتاب الله وسنة رسوله والإجماع والقياس وما أشكل عليه بعد ذلك فليجل ظلمه بالاستخارة وليحل مشكله بالاستشاره ولا ير نقصا عليه إذا استشار فقد أمر الله رسوله بالشورى ومر من أول السلف من جعلها بينه وبين خطإ الاجتهاد سورا فقد يسنح للمرء ما أعيا غيره وقد أكثر فيه الدأب ويتفطن الصغير لما لم يفطن إليه الكبير كما فطن ابن عمر Bهما للنخلة وما منعه أن يتكلم إلا صغر سنه ولزوما مع من هو أكبر منه للأدب ثم إذا وضح له الحق قضى به لمستحقه وسجل له به وأشهد على نفسه بثبوت حقه وحكم له به حكما يسره يوم القيامة أن يراه وإذا كتب له به ذكر بخير إذا بلي وبقي الدهر ما كتبت يداه وليسو بين الخصوم حتى في تقسيم النظر وليجعل كل عمله على الحق فيما أباح وما حظر وليجد النظر في أمر الشهود حتى لا يدخل عليه زيف وليتحر في استيداء الشهادات فرب قاض ذبح بغير سكين وشاهد قتل بغير سيف ولا يقبل منهم إلا من عرف بالعدالة وألف منه أن يرى أوامر النفس أشد العدا له وغير هؤلاء ممن لم تجر له بالشهادة عادة ولا تصدى للارتزاق بسحتها ومات وهو حي على الشهادة فليقبل منهم من لا يكون في قبول مثله ملامة فرب عدل بين منطقة وسيف وفاسق في فرجية وعمامة ولينقب على