فاعرف قدر ما عدق بك من أمور دين ودنيا وخدم لا تقوى عليها إلا بلباس التقوى وأنك قد أصبحت لجنات أنعم أمير المؤمنين رضوانا ويدك للفظ إحسانه لسانا وباشر ذلك مستشعرا خشية الله في سرك وجهرك متحققا أنه غالب على أمرك مدخرا من الأعمال الصالحة ما يبقى عند فناء ذخرك مستديما للنعمة بما يقيدها من شكرك وما يصونها أن تبتذل من بشرك عالما أن التقية حلية الإيمان وضمان الأمان وزاد أهل الجنان إلى الجنان بقول الله سبحانه في كتابه العزيز ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) .
وأخلص نيتك في خدمة أمير المؤمنين فمع الإخلاص الخلاص وأد له الأمانة فإن آداءها أطيب القصص يوم القصاص وقم في خدمته المقام المحمود واستدم بها صعود ركاب السعود فقد عرفك الله بركة النصيحة وعوائدها وأنجزت لك الآمال المنبسطة مواعدها واستشرف أحوال القراء فهم أحق قوم بالتهذيب ولزوم أساليب التأديب فمن كان للآيات مرتلا وللدراسة متبتلا وبأثواب الصلاح متقمصا وبخصائص الدين متخصصا ولما في صدره بقلبه لا بلسانه حافظا وعلى آداب ما حفظ محافظا فذلك الذي تشافه تلاوته القلوب وتروض بأنواء المدامع جدوب الذنوب ومن كان دائم الإطالة في سفر البطالة ساترا لأنوار المعرفة بظلم الجهالة فحق عليك أن تصرفه وتبعده وتجعل التوبة للعود موعده وكذلك المؤذنون فهم أمناء الأوقات ومتقاضون ديون الصلوات ولا يصلح للتأذين إلا من كملت أوصاف عدالته وأمنت أوصام جهالته .
وأما الأمانة في الأموال التي وكلت إلى خزنك وختمك والأمتعة التي وكلت إلى تقويمك وحكمك فأن تؤدى بسلوك أخلاقك وهي الأمانة واتباع طباعك وهي الإباء للخيانة وأن تستمر على وتيرتك ومشكور سيرتك ومشهور سريرتك ومنير بصيرتك وأن لا تؤتى من هوى تتبعه ولا حيف تبتدعه ولا قوي تنخدع له ولا ضعيف تخدعه ولا من محاباة وإن أحببت ولا من مداجاة كيفما تقلبت