والسلامات ونحوها وهي محتملة للألفاظ الفصيحة الجزلة والإطالة القاضية بإشباع المعنى ووصوله إلى أفهام كافة سامعيه من الخاص والعام ومنها كتب الخراج وجبايته وأمور المعاملات والحساب وهي لا تحتمل اللفظ الفصيح ولا الكلام الوجيز لأنها مبنية على تمثيل ما يعمل عليه وإفهام من لا يصل المعنى إلى فهمه إلا بالبيان الشافي في العبارة ومنها مخاطبته السلطان عن نفسه فيجب فيها مخاطبته على قدر مكانه من الخدمة من الألفاظ المتوسطة ولا يجوز أن يستعمل فيها الفصيحة التي لا تحتمل من تابع في حق متبوع لما فيه من تعاطي التفاصح على سلطانه وهو غير جائز في أدب الملوك وكذلك لا يجوز فيه تعاطي الألفاظ المبتذلة الدائرة بين السوقة لما في ذلك من الوضع من السلطان بمقابلته إياه بما لا يشبه رتبته .
وأما الكتب الإخوانيات النافذة في التهاني والتعازي فإنها تحتمل الألفاظ الغريبة القوية الأخذ بمجامع القلوب الواقعة أحسن المواقع من النفوس لأنها مبنية على تحسين اللفظ وتزيين النظم وإظهار البلاغة فيها مستحسن واقع موقعه .
قلت والذي تراعى الفصاحة والبلاغة فيه من المكاتبات عن الأبواب السلطانية في زماننا مكاتبات ملوك المغرب كصاحب تونس وصاحب تلمسان وصاحب فاس وصاحب غرناطة من الأندلس وكذلك القانات العظام من ملوك المشرق ومن يجري هذا المجرى ممن تشتمل بلاده على العلماء بالبلاغة وصناعة الكتابة ويظهر ذلك بالاستخبار عن بلادهم وبالإطلاع على كتبهم الصادرة عن ملوكهم إلى الأبواب السلطانية بخلاف من لا عناية له بذلك كحكام أصاغر البلدان وأصحاب اللغات العجمية من الروم والفرنج والسودان ومن في معناهم فإنه يجب خطابهم بالألفاظ الواضحة إلا أن يكون في بعض بلادهم من يتعاطى البلاغة من الكتاب ووردت كتبهم على نهجها فإنه ينبغي مكاتبتهم على سنن البلغاء