ولم يزل السلطان أبو حفص في ملكه إلى أن مرض في ذي الحجة سنة أربع وستين وستمائة ومات اخر ذي الحجة من السنة المذكورة .
وكان الواثق بن المستنصر لما قتل هو وأبوه ترك جارية حاملا فسماه الشيخ محمد المرجاني محمدا وأطعم الفقراء يومئذ عصيدة من عصيدة البر فلقب بأبي عصيدة فلما مات السلطان أبو حفص بايع الناس أبا عصيدة المتقدم ذكره .
ومات الأمير أبو زكريا صاحب بجاية وما معها على رأس المائة السابعة .
وقام بعده في تلك الناحية ولي عهده ابنه أبو البقاء خالد فاستمر في تلك الناحية وبقي السلطان أبو عصيدة في مملكة أفريقية حتى مات في ربيع الاخر سنة تسع وسبعمائة ولم يخلف ابنا .
وكان بالقصر أبو بكر بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص في كفالة السلطان أبي عصيدة فلما مات أبو عصيدة بايعه أهل تونس ثم أرتحل السلطان أبو البقاء خالد صاحب بجاية إلى جهة تونس طالبا ملكها بعد أبي عصيدة فخرج أبو بكر الشهيد في أهل تونس للقائه فانهزموا عنه وقبض على أبي بكر الشهيد واعتقل ثم قتل بعد ذلك فسمي الشهيد واستقل السلطان أبو البقاء خالد بملك تونس وبجاية وحاز جميع المملكة وتلقب الناصر لدين الله وبقي حتى بويع أبو يحيى زكريا بن أحمد بن محمد اللحياني ابن عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص فبويع بطرابلس وخرج على أبي البقاء خالد فخافه فخلع نفسه فاعتقل وجاء السلطان أبو يحيى على اثره في رجب سنة إحدى عشرة وسبعمائة فبويع البيعة العامة ودخل تونس واستولى عليها ثم اضطرب عليه أمره فخرج من تونس إلى قابس أول سنة سبع عشرة وسبعمائة بعد