وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

للأسد ومساواته إِياه مبلغاً يُتوهَّم معه أنه أسدٌ بالحقيقة فاعرفْ هذه الجملةَ وأحسِنْ تأمُّلها .
واعلمْ أنك ترى الناسَ وكأنهم يرون أنك إِذا قلت : رأيتُ أسَداً وأنت تريدُ التشبيه كنتَ نقلتَ لفظَ أسدٍ عما وُضِعَ له في اللغة واستعملتَه في معنًى غيرِ معناه حتى كأنْ ليس الاستعارةُ إِلاّ أن تعمدَ إِلى اسم الشيءِ فتجعلَه اسماً لشبيههِ وحتى كأنْ لا فصلَ بين الاستعارةِ وبين تَسمية المطرِ سماءً والنَّبتِ غيثاً والمزادةِ راويةً وأشباهِ ذلك مما يوقَع فيه اسمُ الشيء على ما هو منه بسبب . ويذهبون عما هو مركوزٌ في الطِّباع من أنَّ المعنى فيها المبالغةُ وأن يُدَّعى في الرجل أنه ليس برجلٍ ولكنه أسدٌ بالحقيقة . وأنه إِنما يعارُ اللفظُ من بَعْد أن يعارَ المعنى وأنه لا يُشرَك في اسم الأسد إِلا مِنْ بَعْدِ أن يُدْخَلَ في جنس الأَسْد . لا ترى أحداً يعقلُ إِلا وهو يعرفُ ذلك إِذا رجعَ إِلى نفسه أدنى رجوع . ومن أجلِ أن كان الأمرُ كذلك رأيتَ العقلاءَ كلَّهم يثبتون القولَ بأنَّ من شأنِ الاستعارة أن تكونَ أبداً أبلغَ من الحقيقة وإِلا فإِنْ كان ليس هاهُنا إِلا نقلُ اسمٍ من شيءٍ إِلى شيءٍ فمن أين يجبُ - ليتَ شعري - أن تكونَ الاستعارةُ أبلغَ من الحقيقة ويكون لقولنا : رأيت أسداً مزيةٌ على قولنا : رأيتُ شبيهاً بالأسد وقد علمنا أنَّه محالٌ أن يتغيَّر الشيءُ في نفسه بأن ينقلَ إِليه اسمٌ قد وُضع لغيره من بعدِ أن لا يرادَ من معنى ذلك الاسمُ فيه شيء بوجه من الوجوه بل يجعلَ كأنه لم يوضَعْ لذلك المعنى الأصلي أصلاً وفي أيِّ عقل يتصورُ أن يتغير معنى " شبيهاً بالأسد " بأنْ يوضعَ لفظُ أسدٍ عليه وينقل إِليه .
واعلمْ أن العقلاءَ بنوا كلامَهم إِذ قاسوا وشبَّهوا على أنَّ الأَشياء تستحقُّ الأسامي لخواصِّ معانٍ هي فيها دون ما عَداها . فإِذا أثبتوا خاصةَ شيءٍ لشيءٍ أثبتوا له اسمه . فإِذا جعلوا الرجلَ بحيث لا تنقُصُ شجاعتُه عن شجاعةِ الأسد ولا يعدَمُ منها شيئاً قالوا : هو أسدٌ . وإِذا وصفوه بالتَّناهي في الخيرِ والخصالِ الشريفة أو بالحسن الذي يَبْهُر قالوا : هو مَلَكٌ . وإِذا وصفوا الشيءَ بغاية الطِّيب قالوا : هو مِسْكٌ وكذلك الحكمُ أبداً . ثم إِنهم إِذا استقصَوْا في ذلك نَفَوْا عن المشبَّه اسمَ جنسِه فقالوا : ليس هو بإِنسانٍ وإِنما هو أسدٌ . وليس هو أدمياً وإِنما هو ملكٌ . كما قال الله تعالى : ( ما هذا بَشَراً إِنْ هَذا إِلاَّ مَلَكٌ