وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإذا كان هذا هكذا فبِنَا أن ننظرَ فيما إِذا أُتِيَ به كان مُعارضاً ما هوَ أهو أن يجيءَ بلفظٍ فيضعَه مكانَ لفظٍ آخرَ نحوُ أنْ يقولَ بدلَ أسدٍ : ليثٌ وبدلَ بَعُدَ : نأى ومكانَ قَرُب : دَنا . أم ذلك م لا يَذْهَبُ غِليه عاقلٌ ولا يقولُه مَنْ به طِرْقٌ كيف ولو كان ذلك معارضَةً لكان الناسُ لا يفصِلون يبنَ الترجمةِ والمُعارضَةِ . ولكان كلُّ مَن فسَّرَ كلاماً مُعارِضاً له . وإِذا بطلَ أن يكونَ جهةً للمُعارضةِ وأن يكونَ الواضعُ نفسُهُ في هذِه المنزلةِ مُعارِضاً له . وإِذا بطلَ أن يكونَ جهةً للمُعارضةِ وأن يكونَ الواضعُ نفسُهُ في هذهِ المنزلةِ معارِضاً على وجهٍ منَ الوجوه علمتَ أن الفصاحةَ والبلاغةَ وسائرَ ما يَجري في طريقِهما أوصافٌ راجعةٌ إلى المعاني وإلى ما يُدَلُّ عليه بالألفاظِ دونَ الألفاظِ أنفسِها لأنه إذا لم يكنْ في القسمةِ إِلا المعاني والألفاظُ وكانَ لا يُعقَل تعارضٌ في الألفاظِ المجرَّدة إِلا ما ذكرتُ لم يبقَ إلاّ أن تكونَ المعارضةُ معارضةً من جهة ترجعُ إِلى معاني الكلام المعقولةِ دون ألفاظِه المسموعَةِ . وإِذا عادتِ المعارضةُ إِلى جهةِ المعنى وكانَ الكلامُ يعارَضُ من حيثُ هو فصيحٌ وبليغٌ ومتخيَّرُ اللفظِ حَصَلَ من ذلكَ أنَّ الفصاحةَ والبلاغةَ وتخيُرَ اللفظِ عبارةٌ عن خصائصَ ووجوهٍ تكونُ معاني الكلامِ عليها وعن زياداتٍ تحدُثُ في أصولِ المعاني كالذي أريتُك فيما بينَ : " زيدٌ كالأسد " و " كأنَّ زيداً الأسدُ " . وبأنْ لا نصيبَ للألفاظِ من حيثُ هي ألفاظٌ فيها بوجهٍ من الوجوه .
واعلمْ أنك لا تَشْفي الغُلَّة ولا تنتهي إِلى ثلجِ اليقينِ حتى تتجاوزَ حدَّ العلمِ بالشيء مُجملاً إِلى العلم به مفصَّلاً وحتَّى لا يُقْنِعَك إِلاّ النظرُ في زواياهُ والتَّغلغلُ في مكامنه وحتى تكون كمن تتبَّعَ الماءَ حتّى عرفَ منْبَعَه وانتهى في البحثِ عن جوهرِ العُود الذي يصنع فيه إِلى أن يعرفَ منبتَه ومَجرى عُروقِ الشجرِ الذي هو منه . وإِنّا لنراهُم يقيسونَ الكلامَ في معنى المعارضة على الأعمالِ الصناعية كَنَسْج الديباج وصَوْغ الشَّنْفِ والسِّوار وأنواعِ ما يصاغُ وكلِّ ما هو صنعةٌ وعملُ يدٍ بعد أن يبلغَ مبلغاً يقعُ التفاضُلُ فيه ثم يعظمُ حتى يزيدَ فيه الصانعُ على الصانعِ زيادةً يكونُ له بها صِيتٌ ويدخلُ في حدِّ ما يعجُز عنه الأكثرون