وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

النابِ هو مِنْ جِنْسِ الشَرِّ لا جِنْسِ الخير فَجَرى مَجْرى أن تقولَ : رجلٌ جاءني تريدُ أنه رَجُلٌ لا امرأة . وقولُ العلماء إنّه إنَّما يصلحُ لأَنَّه بمعنى : " ما أهرَّ ذا نابٍ إلاَّ شرٌّ " بيانٌ لذلك . ألا ترى أنَّك لا تقولُ : ما أتاني إلاّ رجلٌ إلاّ حيث يَتَوهَّم السامعُ أنه قد أَتتك امرأةٌ . ذاك لأن الخبرَ بِنَقضِ النَّفي يكونُ حيثُ يرادُ أن يُقْصَر الفعلُ على شيء ويُنْفَى عمّا عداهُ . فإِذا قلتَ : ما جاءني إلاّ زيدٌ كان المعنى أنك قد قَصَرتَ المجيءَ على زيدٍ ونفيتَه عن كلِّ مَنْ عداه وإنَّما يُتَصوَّرُ قَصرُ الفعل على معلوم . ومتى لم يُرِدْ بالنكرةِ الجنسُ لم يَقِفُ منها السامِعُ على معلومٍ حتى يزعُمَ أني أقصُر له الفعلَ عليه وأخبره أنه كان منه دونَ غيره .
وأعلمْ أنّا لم نُرِدْ بما قلناهُ من أنه إنَّما حَسُنَ الابتداءُ بالنكرةِ في قولهم " شَرٌّ أهرَّ ذا ناب " لأنه أريدَ به الجنسُ أنَّ معنى " شرٌّ " والشرُّ سواءٌ وإنَّما أردنا أَنَّ الغرضَ من الكلام أن نُبَينَ أنَّ الذي أهرَّ ذا الناب هو من جنسِ الشرِّ لا جنسِ الخيرِ . كما أنّا إذا قلنا فِي قولهم : أرجلٌ أتاكَ أم امرأة أنَّ السؤالَ عن الجنس لم نُرِدْ بذلك أنه بمنزلةِ أن يقالَ : الرجلُ أم المرأة أتاكَ ولكنَّا نعني أن المعنى على أنك سألتَ عن الآتي : أهو من جنس الرجالِ أم جنسِ النساءْ فالنكرةُ إذاً على أصلها من كونِها لواحدٍ من الجنس . إلاّ أنَّ القصدَ منك لم يقعْ إلى كونهِ واحداً وإنَّما وقعَ إلى كونهِ من جنس الرجال . وعكسُ هذا أنك إذا قلتَ : أرجلٌ أتاك أم رجلان كان القصدُ منك إلى كونِه واحداً دون كونِه رجلاً فاعرف ذلك أصلاً . وهو أنه قد يكونُ في اللفظ دليلٌ على أمرينِ ثم يقعُ القصدُ إلى أحدِهما دونَ الآخرِ فيصيرُ الآخرُ بأن لم يَدْخُلْ في القصدِ كأنَّه لم يدخلْ في دلالةِ اللفظ . وإذا اعتبرتَ ما قدمتَهُ من قولِ صاحبِ الكتاب : أنك قلتَ : عبدُ الله فنبهتَه له ثم بنيتَ عليه الفعلَ وحدتَه يطابقُ هذا . وذاك أنَّ التنبيهَ لا يكونُ إلاَّ على معلومٍ كما أنَّ قصرَ الفعل لا يكونُ إلاّ على معلوم . فإِذا بدأتَ بالنكرة فقلتَ : رَجُلٌ وأنت لا تقصدُ بها الجنسَ وأن تُعلِمَ السّامعَ أنَّ الذي أردتَ بالحديثِ رجلٌ لا امرأةٌ كان مُحالاً أن تقول : إني قدمتُه لأنبِّهَ المخاطبَ له لأنه يخرجُ بك إلى أن تقول : إني أردتُ أن أنبِّه السامعَ لشيءٍ لا يعلمُه في جُمْلةٍ ولا تفصيل . وذلك ما لا يُشَكُّ في استحالتهِ فاعرِفه