( فلما قل عن ذاك اصطباري ... قذفت به على وجه الغواني ) قال فانبسط الهاشمي ودفع إليه مالا ومضى إلى سبيله .
قال علي بن الجهم قلت لقينة .
( هل تعلمين وراء الحب منزلة ... تدني إليك فإن الحب أقصاني ) قالت تأتي من باب الذهب وأنشدت .
( إجعل شفيعك منقوشا تقدمه ... فلم يزل مدنيا من ليس بالداني ) وكان أشعب يختلف قينة بالمدينة فجلس عندها يوما يطارحها الغناء فلما أراد الخروج قال لها ناوليني خاتمك أذكرك به قالت إنه من ذهب وأخاف أن تذهب ولكن خذ هذا العود فلعلك أن تعود وناولته عودا من الأرض وكان بعض القينات من الجمال والحسن بجانب ثم أصابتها علة فتغير حالها فكانت تنشد .
( ولي كبد مقروحة من يبيعني ... بها كبدا ليست بذات قروح ) .
( أباها علي الناس لا يشترونها ... ومن يشتري ذا علة بصحيح ) وكان المعتصم يحب قينة من حظاياه فاتفق أنه خرج إلى مصر وتركها فذكرها في بعض الطريق فاشتاق إليها فغلبه الوجد فدعا مغنيا له وقال ويحك قد ذكرت جاريتي فلانة بنت فلانة فأقلقني الشوق إليها فعسى أن تغنيني شيئا في معنى ما ذكرته لك فأطرق مليا ثم غناه .
( وددت من الشوق المبرح أنني ... اعار جناحي طائر فأطير ) .
( فما لنعيم ليس فيه بشاشة ... وما لسرور ليس فيه سرور ) .
( وإن امرأ في بلد نصف قلبه ... ونصف بأخرى غيرها لصبور ) والحكايات في معنى ذلك كثيرة ولو أردت بسطها لاحتجت إلى مجلدات ولكن ما قل وجل خير من كثير يمل وفيما ذكرته كفاية والله المسؤول أن يمدني منه باللطف والعناية ونسأله التوفيق والهداية وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم